يمر الإنسان في حياته بمراحل عمرية مختلفة، يتأثر فيها بمحيطه، وتظل بعض الذكريات محفورة في وجدانه، فكتابة نص غنائي للطفل، مثلاً، بحاجة إلى انتقاء موضوعي للكلمات، وسهولة تقديم النصح من خلال فكرة.لا أزال أتذكر التلفاز الليبي وهو يبث لنا بمناسبة نتائج الامتحانات الأغنية الشهيرة (ناجحين وفرحانين وشكراً لك يا ياسين) كلمات عبدالمطلوب محمد المقوب، وغناء الفنان السوري الراحل ياسين بقوش، وتلحين إبراهيم أشرف، وأيضاً الأغنية الجميلة (هات الشنطة)، التي عُدَّت من كلاسيكيات الفن الليبي، من كلماتها: «هات الشنطة تعال وريني.. إيش خذيت اليوم يا حسين.. عرفك شاطر وتهنيني.. وديمة مذاكر درسك زين».هذه الأغنية التي أخبرني أحدهما أن عمرها تجاوز الـ(45) عاماً، ولا تزال تلقى الاهتمام نفسه، ولا يمل من ترديد كلماتها العذبة، التي تحث على كتابة الواجبات المدرسية، أما اللعب يأتي في مرحلة لاحقة، وصاحب هذه الأغنيات الراحل عبدالمطلوب محمد المقوب (31 ـ 10 ـ 2020)، رحل بهدوء ودون ضجيج، وعادة المبدعين الرحيل في صمت، ولم نسمع بخبر وفاته إلا عبر فيسبوك.أعماله شكلت جزءاً من ذاكرة الثقافة الليبية، ويذكر كثيرون أن الراحل لم يأخذ حقه في التعريف به في وسائل الإعلام الليبية، كرائد من رواد الكتابة للطفل بعد الكاتب عبدالله كريستا صاحب الأغنية الأقدم في تاريخ أغنية الطفل الليبية (نحن صغار ونولوا كبار... ونحمي بلدنا من الغدار بضرب النار) وهذه الأغنية غنّاها عبدالله كريستا بصوته في بداية الستينيات، حينما كان يُقدم برنامج ركن الأطفال في الإذاعة الليبية.مثل مشروع الراحل عبدالمطلوب محمد (أغاني الطفولة)، وكان همّه الدائم، حيث قدم الكثير عبر مراحل العطاء في التعليم والإذاعة الليبية، ويعد أحد الأوائل الذين قدموا برامج إذاعية خاصة بالطفل في ليبيا، ومن أوائل من كتب أغاني تربوية مخصصة للطفل، منها ديوانه (من أغاني أطفال ـ 1976)، و(سفينة الأحلام ـ 1998).ووصف الناقد الفني زياد العيساوي كلمات أغنية (شارعنا القديم) بأنها أقرب إلى فن الأوبريت، لأنها تقدم مجموعة لوحات من الموروث الشعبي، علاوة على مطلعها البسيط الجميل، حيث يقول فيها: «شارعنا القديم.. شارعنا زمان.. ياما لعبنا فيه مع عيال الجيران.. قضينا فيه أجمل الأوقات.. لعبنا عويله وبنيات حكينا في ظله حكايات.. وكل واحد منا فرحان».
أمينة هدريز.. وإبداع السجون الليبية

كاتبة صحافية وشاعرة، محررة في عدة صحف ومجلات ليبية وعربية، تُرجمت نصوصها إلى الفرنسية والألمانية، اختيرت من بين 100 شاعرة في العالم العربي
22 أغسطس 2020
20:13 م
تشير الباحثة الليبية أمينة هدريز في كتابها «جدليَّة الحبس والإبداع.. في أدب السجناء الليبيين»: أن كل ما كُتِب داخل السجون من شعر ونثر وقصة قصيرة ومسرحية نثرية، يعدُّ جزءاً من الأدب الليبي، حتى وإن كُتِب في ظروف خاصة، ولا يمكن إنكار أن هذا الأدب يُعبِّر عن مرحلة من مراحل تاريخ الأدب الليبي، كذلك يُبيَّن طريقة تعامل هؤلاء السجناء مع واقعهم وتعاطيهم معه.
هذا الكتاب الذي صدر عن منشورات مكتبة طرابلس العلمية العالمية في جزئين (الجزء الأول: شعرية القصيدة، ويدرس كل ما كُتب داخل الزنازين من قصائد شعرية، أما الجزء الثاني، فيتناول: السرد من قصة قصيرة ومسرحية نثرية).
الكتاب جزء من رسالة دكتوراه تدرس أدب السجناء الليبيِّين شعراً ونثراً، في الفترة ما بين 1973 إلى 1987، وهي فترة سجنهم بين 4 سجون سياسية: سجن الجديدة بطرابلس، والسجن المركزي، ويُسمى الحصان الأسود، وسجن الكويفية ببنغازي، وسجن أبوسليم بطرابلس.
في فترة الحبس كُتبت القصائد، وخُطَّت الدواوين والقصص القصيرة والمسرحيات النثرية والدراسات النقدية، التي ضاع منها الكثير، وما بقي منها عبَّر عن واقع وتجربة أدباء الحبس، ورصد مرارة وصعوبة الكتابة داخل السجون، وكذلك صعوبة المحافظة عليها من مصادرة الحراس.
وأكَّدت الباحثة أمينة هدريز، أن هذا الأدب عبَّر عن ثُنائية الحبس والحرية، وهو يحمل في دلالاته تيمة المقاومة بأشكالها المختلفة، لأن هذا الكتاب يطرح فرضيَّة الإبداع في أدب السجون، وكذلك إعطاؤه المكانة التي يستحقُّها، إذْ امتاز بخصوصيته الفنية على مستوى الرؤية والتشكيل بدرجات متفاوتة.
وترى الباحثة أن كتابة المسرحية النثرية كانت تشبه محاولة كتابة نص مسرحي بتقنية معاصرة، تقوم على تقنية المسرح الارتجالي، كذلك يحتوي الخطاب المسرحي على ثنائيّة النص الدرامي والنص الموازي.
أما النصوص الإبداعية فقد تميزت بجماليات فنية وأساليب شعرية متفاوتة بين الشعراء، فكان لكل تجربة رؤيتها الفنية وأسلوبها الخاص، جمعتهم تجربة جيل واحد، وهو جيل السبعينيات، تجربة عبَّروا فيها عن همومهم الذاتية وهذا ما جعل النصوص أقرب إلى رسالة مباشرة، خطابها سياسي بالدرجة الأولى.
كل ما كُتب من نصوص إبداعية خلال تلك الفترة هو تعبير عن واقع اجتماعي وسياسي عاشه السجين، وبالتالي هي رصد أو شاهد على فترة زمنيّة من تاريخ الأدب الليبي.
هذا الكتاب الذي صدر عن منشورات مكتبة طرابلس العلمية العالمية في جزئين (الجزء الأول: شعرية القصيدة، ويدرس كل ما كُتب داخل الزنازين من قصائد شعرية، أما الجزء الثاني، فيتناول: السرد من قصة قصيرة ومسرحية نثرية).
الكتاب جزء من رسالة دكتوراه تدرس أدب السجناء الليبيِّين شعراً ونثراً، في الفترة ما بين 1973 إلى 1987، وهي فترة سجنهم بين 4 سجون سياسية: سجن الجديدة بطرابلس، والسجن المركزي، ويُسمى الحصان الأسود، وسجن الكويفية ببنغازي، وسجن أبوسليم بطرابلس.
د. انتصار البناء
17 يناير 2021
د. مجيب الرحمن
16 نوفمبر 2020
في فترة الحبس كُتبت القصائد، وخُطَّت الدواوين والقصص القصيرة والمسرحيات النثرية والدراسات النقدية، التي ضاع منها الكثير، وما بقي منها عبَّر عن واقع وتجربة أدباء الحبس، ورصد مرارة وصعوبة الكتابة داخل السجون، وكذلك صعوبة المحافظة عليها من مصادرة الحراس.
وأكَّدت الباحثة أمينة هدريز، أن هذا الأدب عبَّر عن ثُنائية الحبس والحرية، وهو يحمل في دلالاته تيمة المقاومة بأشكالها المختلفة، لأن هذا الكتاب يطرح فرضيَّة الإبداع في أدب السجون، وكذلك إعطاؤه المكانة التي يستحقُّها، إذْ امتاز بخصوصيته الفنية على مستوى الرؤية والتشكيل بدرجات متفاوتة.
وترى الباحثة أن كتابة المسرحية النثرية كانت تشبه محاولة كتابة نص مسرحي بتقنية معاصرة، تقوم على تقنية المسرح الارتجالي، كذلك يحتوي الخطاب المسرحي على ثنائيّة النص الدرامي والنص الموازي.
أما النصوص الإبداعية فقد تميزت بجماليات فنية وأساليب شعرية متفاوتة بين الشعراء، فكان لكل تجربة رؤيتها الفنية وأسلوبها الخاص، جمعتهم تجربة جيل واحد، وهو جيل السبعينيات، تجربة عبَّروا فيها عن همومهم الذاتية وهذا ما جعل النصوص أقرب إلى رسالة مباشرة، خطابها سياسي بالدرجة الأولى.
كل ما كُتب من نصوص إبداعية خلال تلك الفترة هو تعبير عن واقع اجتماعي وسياسي عاشه السجين، وبالتالي هي رصد أو شاهد على فترة زمنيّة من تاريخ الأدب الليبي.
الأخبار ذات الصلة
خلود الفلاح
7 نوفمبر 2020
د.عماد الدين حسين
7 أكتوبر 2020
د. عبد العزيز المسلم
4 أكتوبر 2020
خلود الفلاح
3 أكتوبر 2020
عبد اللطيف المناوي
3 أكتوبر 2020
خلود الفلاح
12 سبتمبر 2020
د.عماد الدين حسين
9 سبتمبر 2020
محمد محمد علي
6 سبتمبر 2020
عبد الرحمن النقبي
25 يونيو 2020
د. مجيب الرحمن
14 يونيو 2020
د. أسماء الكتبي
8 فبراير 2020