الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الإنكار الحزن التقبل

في جلسة ودية مع طبيبة متخصصة في طب الأطفال، سألتها عن أهم المواقف التي مرت بها والتي تركت في نفسها أثراً حتى اليوم، أجابتني: لا يمكن أن أنسى عندما كنت أشرف على علاج طفل من ذوي الهمم، والذي كان يتمتع بقوى عقلية قوية، تختلف عن تلك التي يتمتع بها أي طفل في العمر نفسه، وأدركت أن الأب والأم، يقدمان لهذا الطفل كل رعاية واهتمام وكل ما يحتاجه من حنان وأمن أسري، ودون شك أن الاستقرار العاطفي لهذا الطفل ساهم في نمو قواه العقلية الواضحة، لكن الذي أدهشني واستغربت منه كثيراً عندما جلست مع الأم وسألتها عن طفلها وأبلغتني خلال سياق حديثها بأنه عند ولادته ومعرفة أنه طفل غير عادي وأنه من ذوي الهمم، تلبسها هي وزوجها الهم والحزن، وقد بقي الطفل في المستشفى بضعة أيام كتعبير عن حالة من الرفض، ولكنهما سرعان ما استوعبا الموضوع رغم الحزن والهم، لأن هاجسهما الآن كيفية التعامل وتربية طفل لا يشبه الأطفال، لكنهما تجاوزا هذه المشاعر، وها هو يبلغ الآن الـ5 أعوام ويتمتع بذكاء عالٍ وقدرات معرفية كبيرة. تضيف هذه الطبيبة، في حديثها: بعد هذه القصة قرأت عن المزيد في هذا المجال، ووجدت أن البعض من الأهل عندما يرزقون بطفل من ذوي الهمم، تبدأ معهم حالة تسمى حالة الإنكار، وهي التي خلالها ينكرون التقارير الطبية التي تصف ابنهم بأنه من ذوي الهمم، وهذه الحالة مصنفة ومعترف بها طبياً لدى العلماء وأطباء علم النفس، وهناك من وضع مراحل لها ومنهم من حدد هذه المراحل بـ3، الأولى مرحلة الصدمة والإنكار، أما الثانية مرحلة الاكتئاب والغضب، والمرحلة الثالثة الاعتراف وإدراك المسؤولية. بقي الإشارة إلى حقيقة معروفة على نطاق واسع تتعلق بذوي الهمم وهي أن قدراتهم الإبداعية والابتكارية، تشبه أي طفل آخر، بل إن عوامل مثل التربية والتعليم والتنشئه العاطفية والحنان لها بالغ الأثر على مستقبلهم وعلى نمو قدراتهم المعرفية والعملية وعلى إنتاجيتهم وسعادتهم، تماماً كأي طفل آخر.