الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الشارقة تفتح الأذهان

معارضُ الكتب مُتعةٌ لكثير من القرَّاء؛ ليس فقط لأنهم يجدون فيها كتبهم المفضلة، ولكن أيضًا لأنَّ التجوالَ بين أروقة الكتب وأجنحة الناشرين هوايةٌ لبعض الناس.

ولعلَّ الجميل في معارض الكتب أنَّ الناس لا يعثرون فيها على كتبهم التي يبحثون عنها فحسبُ، ولكنهم قد يَرون أيضاً أصدقاءَ قدماءَ غابوا عنهم فترة طويلة حتَّى ظَنُّوا أنَّهم غيرُ ملاقِيهم، وهذا ما حدث لي مِراراً وتَكْراراً، وأنا هنا أتحدث عن الأصدقاء الذين يهتمون بعالَم القراءة؛ لا الذين ينشغلون بالبورصات وحركة الأسهم المالية، فلعلَّ آخِرَ ما يُفكِّر فيه هؤلاء هو معارض الكتب!

ولمعرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام معنى خاصٌّ، فرغم أنَّه متميزٌ دائماً، فهو هذا العام أكثر تميزاً، فقد جعلت اليونسكو الشارقةَ عاصمةً عالمية للكتاب سنة 2019، ولا شكَّ أنَّ هذه المدينة التي تُشرِق بجمالها وثقافتها وتزهو بتاريخها العريق تَسْتَحِق هذا التقدير والتكريم من هذه المنظمة الدولية.


وامتاز معرض الشارقة للكتاب هذا العام بأشياء أخرى، منها كثرةُ الدُّور المشاركة (2000 دار نشر)، ووفرةُ الكتب المعروضة (أكثر من مليون عنوان) وتَنوعها وخُلُوُّها من الرقابة، وتَعدُّد الفعاليات الثقافية وتَنوُّعها، ومنها فعاليات مُخصَّصة للصغار.


وهناك الْـمِنَصَّات المتعددة، مثل «مِنصَّة التنوُّع» و«منصة التفكير الإبداعي»، التي تُمثِّل مَنابِر حُرَّة أو فضاءات فسيحة لتلاقي الأفكار وتلاقُحها في جوانب مختلفة مهمة، كما حقَّق المعرض رقماً قياسياً بتنظيم أكبر حفل توقيع للكتاب في العالم.

ولا يمكن أن يفوت الزائرَ إقبالُ الصغار على شراء الكتب، إذْ خُصِّصت لهم قاعة تزخر بأصناف الكتب المتنوعة باللغات المختلفة.

إنَّ اهتمام النشء بالقراءة مُؤشِّر إيجابي على تقدُّم المجتمعات ورُقِيِّها، والقراءة في سِنٍّ مُبكِّرة لها ميزات لا تُحْصَى؛ لذلك قيل «التعلُّم في الصِّغَر كالنَّقش في الحَجَر».

لقد لَفَت انتباهي بشكل خاص شعارُ المعرض «افْتَحْ كتاباً.. تَفْتَحْ أذهاناً»، فهذا الشعار يُلخِّص ببراعة مدى أهَمِّية الكتاب في حياتنا الفكرية والعلمية والإبداعية.

لكنْ ثَمَّةَ جانِب قد لا يُرضِي كثيراً من الناس؛ لا سيَّما عُشَّاق القراءة، فقد لُحظ غلاء الأسعار هذا العام، رغم الدعم والتسهيلات الكثيرة الممنوحة لدُور النشر، نعم لا بُدَّ أن نُقدِّر الظروف الصعبة لنشر الكتاب في منطقتنا العربية، لكنَّ الناشرين أحياناً يُغالُون في رفع أسعارهم.