الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

غيَّبه الموت.. وخلدته مآثره

غاب الشيخ سلطان بن زايد عنا، لكنه حاضر بآثاره ومآثره، فبوفاته فقدت الإمارات أحد رموزها الذين أسهموا في تأسيسها وبناء نهضتها، وهذا ما عبّر عنه أخوه ورفيق دربه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله: «فقدت اليوم أخي وعضيدي، أحد رجالات الدولة الأوفياء، ورمز من رموزها الوطنية.. عمل مع المؤسس المغفور له الشيخ زايد على وضع لبنات مؤسسات الاتحاد وخدمة شعبه...»، وبوفاته أيضاً فقدت الثقافة والتراث والمعرفة راعيها وحاميها.

اكتشف الشيخ زايد عبقريته القيادية فعينه 1978 ـ وهو بعد في الـ23 من عمره ـ قائداً عاماً للقوات المسلحة، وكان ذلك فرصة لتجسيد رؤيته الاستراتيجية لبناء جيش عصري قوي لحماية وطنه، وقادته رؤيته الاستراتيجية الشاملة إلى أن العرب يجب أن يصنعوا أسلحتهم بأنفسهم لحماية أمنهم القومي.

وعندما عينه الشيخ زايد 1988، رئيساً لدائرة الأشغال العامة بأبوظبي، كرس موهبته القيادية لتجسيد الطموح الكبير لإنشاء بنى تحتية متطورة، وحققت الدائرة في عهده كثيراً من الإنجازات الحضارية والعمرانية التي غيرت وجه الإمارة، فأصبحت من أجمل مدن العالم الحديثة، وحرص على أن تنطلق تصاميم العمران من روح الحضارة العربية الإسلامية ليتصل الحاضر بالماضي، واستحوذت البيئة على اهتمامه، فصارت المساحات الخضراء جزءاً من المخططات العمرانية.


وفي الجانب الإنساني، احتذى الفقيد بوالده في حب الخير والإنفاق ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، ولم يفرق بين إنسان وآخر.


أما في مجالات العلم والثقافة والتراث، فإن الشيخ سلطان بن زايد هو الفارس الأول، وقد حققت مؤسساته الثقافية كثيراً من الإنجازات العلمية، التي تدرجت من نشر الكتب العربية النادرة، إلى صيانة التراث الثقافي، وهذه المؤسسات هي مركز سلطان بن زايد، ونادي تراث الإمارات، ومركز زايد للدراسات والبحوث.

نشر الفقيد كتباً قيّمة على نفقته، تعتبر من أمهات الكتب، وعُرف بإخلاصه للقضايا القومية، ولا سيما القضية الفلسطينية.

إذاً، فلا يوجد مجال لم يضرب فيه الشيخ سلطان بسهم وافر ولم تكن له فيه بصمة راسخة.. وكان مع ذلك حريصاً على عدم كشف أعماله، تواضعاً منه، رحمه الله.