السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الرسوم الحكومية إلى أين؟

قبل عقد من الزمن دُعيت للاستثمار الزراعي في إحدى الدول العربية، وكانت الكلمة السحرية هي الإعفاء الضريبي والرسوم لمدة 10 أعوام، وعند زيارة تلك الدولة وضع المسؤولين الشمس عن يميني والقمر عن شمالي وسارعوا بالتوقيع معي على عقد مبدئي بكل تلك التسهيلات، لكن بعدما رجعت وذهبت السكرة، قمت بالتحري وسؤال من له تجارب سابقة فاكتشفت مجموعة من الرسوم والإتاوات الخفية التي لن يكتشفها المستثمر إلا بعد أن يبدأ استثماره الفعلي!، فما كان مني إلا أن آثرت السلامة والانسحاب بهدوء.

في تجربتي تلك كانت الضبابية وانعدام الشفافية والخوف من الأفخاخ الخفية أسباباً كافية للانسحاب؛ ولكن هناك أسباب أخرى قد تقود إلى النتيجة ذاتها، فنحن نحتاج إلى وضع أيدينا عليها والمسارعة في تصحيحها في سبيل إنعاش الحركة الاقتصادية.

إن من بين تلك الأسباب ما يمكن تسميته بغابة الرسوم ذات السيقان المتشابكة والجذور الممتدة للعديد من الدوائر المحلية والاتحادية، وكأن تلك الدوائر في تنافس محموم لاستحصال أكبر قدر من الإيرادات كدليل على حنكة ومهارة القائمين عليها ووسيلة للمباهاة أمام المسؤول الأعلى.


ذلك التسابق على جيب المستثمر تسبب بنتائج عكسية جعلت الحكومة الاتحادية وبعض الحكومات المحلية تبادر مشكورة بتعديل وإلغاء العديد من تلك الرسوم لإعادة تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني، وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال وزيادة القدرة التنافسية للدولة، والغريب أن بعض الوزارات والمحليات لا تزال مصرة على الاحتفاظ بتلك الرسوم!


ولكي يتجاوز الاقتصاد تلك الصعوبات فإن هذا يتضمن بعض التضحيات الضرورية! لكن هيهات.. فالتصحيح يحتاج إلى مبادرات وقرارات مؤلمة في بعض الأحيان.