الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

في مواجهة طفل من ذوي الهمم

لا شك أن الأسرة التي بين أفرادها طفل من ذوي الهمم يقع عليها ضغط وتحتاج لجملة من الإجراءات للتعامل معه، فالموضوع ليس عابراً أو سينتهي خلال بضعة أشهر وإنما نتحدث عن حياة كاملة، ومن هنا تنبع الحاجة للمعرفة وتعلم الطرق والمهارات في التعامل مع هذا النوع من الأطفال. إن كانت تربية الطفل بصفة عامة وتعليمه وغرس القيم والمبادئ في قلبه الصغير من المهام الصعبة التي تحتاج من الأم والأب إلى جهد وعمل والتزام، فإن المسؤولية مع طفل من ذوي الهمم مضاعفة وتتطلب مهارة وقدرة على عزل المشاعر عن الواقع.
أعتقد أن أولى الخطوات في التعامل السليم مع طفل من ذوي الهمم عدم إشعاره بأنه مميز، وبالتالي لا يُمنح تعاملاً خاصاً مميزاً عن إخوته، بل يتم التعامل بشكل طبيعي وفي إطار عام، وهذا يتطلب المساواة مع أشقائه.
الجانب الآخر هو تجنب نقل مشاعر القلق والتوتر والخوف إليه، والأم تحديداً قد تبالغ في الحماية والخوف عليه وتعمل على مساعدته ومحاولة تذليل الصعاب والعقبات التي تعترضه، وهذا خطأ كبير لأن أول جانب تربوي تتم تغذيته عند أصحاب هذه الفئة هو تربيتهم على الاعتماد على النفس. ونحن جميعاً نعلم أن البعض قاموا بعزل أطفالهم من ذوي الهمم بحسن نية بهدف حمايتهم، ولم يتركوا لهم مجالاً للعب مع أقرانهم ولا ممارسة النشاط الطبيعي ولا عيش حياتهم الاجتماعية بشكل عفوي وطبيعي، وهذا دون شك خطأ بالغ يجب التنبه له.

التهويل من الإعاقة كأنها حاجز ومانع من أن يعيش هذا الطفل حياته بكل نشاط وعفوية أكبر الأخطاء التي ترتكب ضده.

هذه الفئة منذ نعومة أظفارها تحتاج للشعور بالتقبل كما هي، لا أن نمطرها بالشفقة والحنان المبالغ فيه، لأن هذه المشاعر لن تمكنها من مواجهة الحياة وتجاوز المراحل الدراسية والتفوق وممارسة الحياة بكل حماس وثقة. نحن نحتاج لتعلم مهارات التعامل مع الأطفال من ذوي الهمم لأننا بتعاطفنا المبالغ فيه قد نوجه لهم رسالة تحزنهم، وهذا ما لا نريده جميعاً.