الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

المطوع.. صديقي الكبير

لطالما كنت بحاجة إلى صديق كبير يرشدني إلى وجهة هو يعرفها، كأن يرشدني إلى الحياة أو التاريخ أو الشعر أو الأدب أو التراث، أو أن يرشدني إلى تلك الأشياء مجتمعة.

في كتاب لي صدر عام 2006 تحدثت عن أصدقائي الكبار الذين تمكنت من مقابلتهم والاستفادة من صحبتهم، والبعض الآخر تقصيت أخبارهم فتعلمت منها، والبقية قرأت لهم فنلت الاستفادة المرجوة، وامتدحت من كان له صديق كبير.

كان أول أصدقائي الكبار راشد الشوق، قضيت معه سنين عديدة، نهلت منه الكثير، وتعلمت منه ما لم أتعلمه من المدارس والجامعات، وأبوعبيد كان موسوعة متحركة للتراث، فهو الذي أسماه حاكم الشارقة أثناء زيارته له في المستشفى (دفتر الشارقة) رحمه الله.


صديقي الكبير المميز كان عبدالله بن جمعة المطوّع الذي توفي الأسبوع الفائت، ولم أتمكن من حضور عزائه لأنني كنت مسافراً، أبو سعيد كان صديقاً وموجهاً ومرشداً من الطراز الأول، لكنه كان يحمل في ذاكرته الخصبة صندوقاً ذهبياً للتاريخ الشفاهي للإمارات عامة وللشارقة بشكل خاص.


عندما عُينت مديراً للتراث عام 1995 كان عبدالله المطوع من الموجهين والناصحين لي، ولولا رعايته المبكرة لي في بداياتي الأولى لما وصلت لما وصلت إليه الآن، فكما يقال كان شيخي ومؤدبي، ففي البدايات كان هو حلقة الوصل بيني وبين صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يأتيني بتوجيهات الحاكم وتوصياته وأوامره.

كما أن سمو الحاكم أمر في ذلك الوقت بتأسيس لجنة رباعية لإدارة الممتلكات التراثية في الشارقة القديمة، فكان عبدالله المطوع رئيس تلك اللجنة، وسعيد الجروان وعبيد حنتوش ومحدثكم، كنّا أعضاء اللجنة، تلك اللجنة كانت مَعنية بتأجير المحال في الأسواق القديمة وإقرار إيجارات وتعويضات البيوت، وتثبيت الملكيات وما شابه ذلك.

الشاهد أن عبدالله المطوع كان رجلاً مميزاً بكل ما تحويه الكلمة من معنى، في حديثه ونبرة صوته ونصيحته وحكمته، حتى دعاباته كانت راقية، حديثه لا يمل وذكرياته غنية متسلسلة متصلة، تأخذك إلى ماضي الإمارات في صورة بهية نقية.. رحمك الله أبا سعيد وأدخلك الجنة.