الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

جيل الممنوع.. انتهى

حينما كنّا صغاراً والقلوب صافية، وكانت المدينة صغيرة كنّا نمر على أسوار الحدائق والمباني ولا نعلم ماذا خلفها، حيث كانت ثقافة «ممنوع الاقتراب والتصوير» منتشرة بكثرة، فأصبحت لجيلنا ومن كان قبلنا ثقافة الممنوع، والتي لا تزال تعيش داخل ذهنياتنا.

في السابق كانت المواهب متوفرة، ولكن كان اللعب بالكرة ممنوع (وجابل دروسك ومستقبلك)، هي السائد، واليوم أصبحت الرياضة أسلوب حياة، وأولياء الأمور يدفعون المال من أجل تسجيل أبنائهم في مدارس أندية ريال مدريد، ومانشستر يونايتد المحلية، ويقول لك: (يمكن يلعب معاهم الحظ ويصبحون نجوم أصحاب ملايين)، بالإضافة إلى ممنوعات مثل: لا تلعب جمباز أو ترسم أو تعزف على آلة موسيقية ( هذي حق البنات )، واليوم الآباء يرسلون أبنائهم في الصيف إلى المعاهد العالمية لصقل مواهبهم، والحصول على شهادات من تلك المعاهد لمنحهم أولوية الانتساب للجامعات الغربية الشهيرة.

سابقاً كان ممنوع تلبس (فانيلة وشورت وكاب) وإلاّ تم اعتبارك (والله إنك تربية حريم)، واليوم إذا ارتديتها تصبح واحد (كوول).. في السابق كان ممنوع تشتري سيارة سبورت لأنها للمغازل أو ستعتبر ملعون والدين، واليوم تسير بسيارتك والتي تشعرك أنك تسوق (كرفان عمال)، وتشاهد الشباب اليوم يقودون سيارات (رياضية هايبارد) وسيارات كهربائية ولا أحد ينتقدهم بل ويعتبرون شباب (متحضر وصديق للبيئة).. في الأول ممنوع تسافر إلا مع المدرسة (للعمرة فقط)، واليوم الأبناء يسافرون مع المدرسة لأوروبا لتعلم تسلق الجبال، والتزلج على الجليد، والعيش في الغابات وصيد الغزلان (الله يرحم أيام معسكر زايد للكشافة)، وإذا رحت شرق آسيا اعتبروك (صايع وسرسري)، واليوم إذا ذهبت هناك اعتبروك محباً للطبيعة والشواطئ العذراء.


في السابق، كان ممنوع تذهب إلى الحديقة لأنها للعائلات وأنت عمرك 9 سنوات (وطويل)، وممنوع تمر حول الحديقة لأنها مُسورة وإلا حرس الحديقة (صلخوك بالخيزرانه)، واليوم هذه الحدائق مفتوحة وفيها مطاعم وكوفيهات للجميع.


اليوم، أغلب تلك الأسوار سقطت، فنظرنا إلى قصر الحصن، ومسجد الشيخ زايد، وقصر الوطن، ومنارة السعديات وغيرها، وكم سنحت لنّا الفرص للزيارة ولكن للأسف جيلنا وجيل من سبقنا (يؤخر قدم ويقدم الأخرى)، ونؤجل الزيارة لأن (ما تم زرعة بالأمس في عقولنا لا يزال يقاتلنا). حتى أن أبناءك يبكون أمامك، ويطلبون زيارة هذه الأماكن، ولكن لا تزال فكرة ممنوع الدخول مستمرة، والمفروض على الحكومة أن تصرف لأجيالنا السابقة بدل علاج نفسي عن معاناتنا السابقة.