الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الأخلاق.. وأول برنامج إذاعي

اعتادت الفلسفة القديمة أن تقول: إن الإنسان يولد صحيفة بيضاء ينقش فيها المربي ما يشاء، أو تقول: إنه كالعجينة المرنة يصورها المربي حسبما يهوى، وقد تَبيّن خطأ هذه النظرية، وظهر أن الإنسان يولد صحيفة منقوشة نَقشها أسلافه، لأنه يخرج إلى هذا الوجود وسرعان ما يعمل أعمالاً بالغريزة كما يفعل الحيوان!

هذه مقدمة من كتاب الأخلاق لمؤلفه أحمد أمين، كتاب قيّم قرأته منتصف الثمانينات عندما كنت يافعاً، تأثرت به كثيراً وبأفكاره الجميلة، وكنت أُحدث الناس عن ذلك الكتاب.

عام 1989 كنت برفقة الفنان عبد الله المناعي في زيارة لإذاعة أبوظبي، أثناء الزيارة زرنا قسماً خاصاً في الإذاعة يسمى الإذاعة الشعبية، وهناك كان العمل يجري على قدم وساق، تجاذبنا أطراف الحديث مع العاملين في الإذاعة، فانطلقت في حديث مسترسل بين كتاب الأخلاق وشعر الحكمة الشعبي، فقال لي أحد الإخوة هناك: « لماذا لا تعدّ وتقدم برنامجاً إذاعياً يتناول ما ذكرت من الحكمة في الأخلاق والشعر».


الفكرة كانت رائعة بالنسبة لي، لكني لم أعمل قط في الإذاعة، وليست لي أي خبرة في ذلك، لكنني كنت جريئاً في هذا الجانب، فوافقت واخترعت اسماً للبرنامج هو: (اسم ومعنى وقصيدة)، فكان ذلك البرنامج الذي يعد أول علاقة لي بالإذاعة والتلفزيون من خلال إذاعة أبوظبي، فأعددت وقدمت 30 حلقة تحت ذلك العنوان.


في كل حلقة كنت أتناول معنى أخلاقياً معيناً فأتحدث عنه، ثم أتحدث عن سمو الأخلاق من خلال ذلك المعنى، ثم أقدم قصيدة مميزة من الشعر الشعبي الإماراتي، وقد لاقى البرنامج استحسان المستمعين، وأثنى عليه الكثير من الناس، كما أوجد لي حضوراً جميلاً لدى كثير ممن استمعوا إليه.

الشاهد أن كتاب الأخلاق لمؤلفه أحمد أمين صدر للمرة الأولى عام 1920 ثم صدر في طبعات متتالية عام 1921 و1924 حتى هذه الطبعة الأخيرة التي بين يدي الآن.

يبدأ كتاب الأخلاق بمقدمة في علم الأخلاق وموضوعه وفائدته وعلاقته بالعلوم الأخرى، ثم يقسم إلى أجزاء هي: مباحث نفسية لا بد منها في الأخلاق، في نظريات العلم وتاريخه، القسم العلمي.