الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«يا رب ما يروح كورونا»

الأجواء التي يعيشها الناس في هذه الأوقات غير الطبيعية بسبب فيروس كورونا، أوضحت فداحة ما كان البعض يرتكبه من أخطاء، وأقصد تحديداً البعض الذين تعودوا على هجر منازلهم معظم الأوقات والغياب المستمر عن أسرهم، وبالتالي عدم منح أطفالهم ما يستحقون من العناية والرعاية؛ البعض يعتقد أنه بمجرد أنه وفر مصاريف المدرسة والطعام والسكن والملبس، فقد قام بواجبه كأب، والحقيقة أن الأبوة أوسع من اختزالها في مهمة مادية ولها وظيفة أعمق من هذه المستلزمات الحياتية مع أهميتها بطبيعة الحال.

الأطفال بحاجة للشعور بالأب وحنانه الذي لا يمكن تغذيتهم به من خلال منحهم أوقات قصيرة مثل تناول طعام الغذاء أو العشاء، أو من خلال جلسة قصيرة في صالة المنزل، الطفل دوماً بحاجة لمساحة زمنية ليبدأ سرد قصصه، وليتحدث بعفوية، وهو هنا يحتاج للمزيد من الوقت والثقة ومعرفة مع من يتحدث.

تبادرت إلى ذهني هذه الأفكار عندما كانت إحدى الصديقات تبلغني بسعادة طفلتها البالغة والكبيرة بسبب تواجد أبيها في المنزل لدرجة أنها تدعو الله قائلة: «يا رب كورونا ما يروح».

هذه الطفل شعرت بأبيها لأول مرة، وتعلم أن بقاءه في المنزل خلال هذه الأيام بسبب أنه مضطر وملزم ومجبر، وتعلم أيضاً أنه عند زوال هذا الفيروس، فإن أباها سيعود للغياب مرة أخرى وستفتقده مرة أخرى.

إن كنا تعلمنا من هذا الفيروس دروساً إيجابية، فلعل هذا درس بليغ؛ أطفالنا بحاجة للأم وللأب، بحاجة لأن يشعروا بأنهم محميون من أناس يحبونهم يرشدونهم ويوجهونهم، أناس ينثرون القصص عن حياتهم، تلك القصص المحملة بالخبرات والتجارب التي تثري أطفالهم وتمنحهم خبرات هم في أمس الحاجة إليها.

أطفالنا يريدون القدوة، وأول من يمنح هذه المُثل والقيم الأب والأم، وغياب أحدهما عن المنزل وانشغاله يوجد حالة من الفراغ والحيرة في قلوب وعقول الأطفال.

حتى لا ننشئ جيلاً يتمنى وجود فيروس كورونا، لنمنحهم ما يستحقون من الرعاية والاهتمام.