الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عمران بن سالم العويس

قامة ثقافية ومرجع تأريخي مهم فقدناه في الأيام الماضية، عمل وصوّب وأعطى الكثير بعلم وحكمة ودراية، لكن بهدوء غير معهود، فالأنا لم تكن موجودة عند الأستاذ عمران بن سالم، بل كان ناكراً للذات، متماهياً في الحياء والأدب.

كان، رحمه الله، كثير الصمت قليل الكلام، فإذا ألفيته فإنه يستقبلك بابتسامة طيبة ويحييك بأجمل تحية، ثم يعود إلى صمته المعهود، فهو لا يبادر بحديث أو حوار (حياء وأدباً)، فالرجل كان حيياً نقياً دمثاً، صبوح الوجه مشرق الطلعة.

في البدايات الأولى لتأسيس الدولة، وجه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بتأسيس هيئة ثقافية اتحادية تحت مسمى (لجنة التراث والتاريخ)، ضمت في عضويتها قامات وطنية مهمة إلى جانب عمران بن سالم العويس، الشاعر حمد بن خليفة بوشهاب، وراشد بن أحمد لوتاه، وآخرين، وكان يترأس تلك اللجنة أحمد الخزرجي، رحمهم الله جميعاً، وبجهود حثيثة أصدرت تلك اللجنة عدداً من الكتب والمنشورات المرجعية المهمة، ما كان له عظيم الأثر في حفظ التراث الثقافي والتاريخ المحلي، وكان الأستاذ عمران بن سالم أحد المعنيين بالمحتوى الذي نشرته تلك اللجنة.


الشاهد أن الوالد الراحل عمران بن سالم، رحمه الله، كان حاضراً دائماً للرد على استفسارات الباحثين وأسئلتهم، كما أنه يراجع ويصوّب ويصحح كثيراً من الطروحات التي ترسل إليه، وقد تنبهت عدة جهات في الدولة إلى تكريمه، ومنها معهد الشارقة للتراث الذي كرمه في ملتقى الشارقة الدولي للراوي عام 2017.


شخصية الراحل تدلل دائماً على الحكمة الشهيرة التي قالها عمر بن عبدالعزيز: (إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت، ويهرب من الناس، فاقتربوا منه فإنه يُلقى الحكمة).

في أحد لقاءاتي به ذات يوم، سألته عن حقيقة حدث تاريخي شهير، ذُكر في مدونات بعض الرحالة الأجانب، فأجابني مبتسماً: (إن الله يحب الستّارين).

تشرفت بصداقة ابنه عبد الله المكنّى أبوعبد العزيز (رحمه الله)، وهو الرجل الطيب الخلوق كوالده، لكنه رحل مبكراً جداً، كان ذا شخصية جميلة، منصتاً ومتفهماً، يبحث عن المعرفة، ويطارد الحقيقة، عرفته يسعى إلى ثقافة نوعية لا يباريه فيها أحد.