الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لماذا لا يقدّرون التراث؟

في ندوة افتراضية لي الأسبوع الماضي، طرحت سؤالاً إشكاليّاً: هل الهيئات الثقافية والمؤسسات التعليمية، والتجار، والمؤسسات المصرفية.. كل هذه الجهات، وغيرها، بدون استثناء تحب التراث، لكنها لا تقدّر العمل فيه ولأجله، كما أنها لا تثمن أمور البحث والدراسة فيه؟.. أطرح هذا السؤال بعد أن عملت أكثر من 3 عقود في هذا المجال.

الجميع يحب النتائج والاستعراضات والمظاهر الاحتفالية التي يقدمها التراث، لكنهم لا يقتنعون بالمسائل البحثيّة والدراسات والتوثيق، وعمليات الصون التي يتطلّبها العمل في التراث الثقافي.

فإذا شرعت في بحث أو دراسة في التراث الثقافي، لن يلتفت إليك أحد، ولن تتمكن من الحصول على تمويل أو دعم مادي البتة، فالقناعة بهذا الشأن تكاد تكون معدومة، والرؤية غير واضحة لمجريات ذلك العمل.


للأسف تحكم التراث نظريات الرياضة، حيث إن كل المطلوب من الباحث في التراث أو الفريق البحثي، هو سباق ماراثوني سريع ونتائج فورية.. تحكمنا عقليات المشرفين على الرياضة، الذين يطلبون مباراة فيها صخب وحراك ملموس، ثم نتيجة (فوز، أو خسارة)، وهذا لا يمكن حدوثه في أي مجال.


إن التراث الثقافي علم مثل باقي العلوم.. له معاهدات دولية، ونظريات، وجامعات ومعاهد ومراكز بحيثة، علماء ومتخصصون، لذلك من المستحيل أن تدار أموره «بعقلية المباريات».

قرابة نصف قرن، لم تضع الرياضة دولتنا الحبيبة في أيّ تصنيف يميزها في العالم، بل على العكس من ذلك، فبالرغم من بذل الدولة للغالي والنفيس، وإيجاد بنية تحتية ومرافق وشركات، ومدربين وطواقم طبية وحشد إعلامي وبرامج وتحليلات بل وقنوات فضائية، إلا أن النهاية تأتي مختصرة في الخبر الآتي: «تكفينا المشاركة؟؟؟»، ولا يزال الجميع منقسم من حيث الهواية والمتابعة منقسم بين (مدريدي وبرشلوني) والجميع منبهر بالدوري الإنجليزي وغيره من الأندية العالمية الأخرى.. فالعطش كبير لرياضة حقيقية لا للهوايات أو إلى القول: «تكفينا المشاركة».

بعد جائحة كورونا (عافاكم الله) لا بد من إعادة النظر في دعم البحوث العلمية في شتى المجالات، ومنها: البحث في التراث الثقافي، لنخرج من دائرة «لقيمات، ورزيف» إلى روائع التراث العالمي، وبحوث ودراسات ممولة ترقى إلى مستوى دولة عظيمة كدولة الإمارات العربية المتحدة.