السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

إمارات التضامن والوعي الإنساني

من بين أهم القضايا المعاصرة التي طرحتها أزمة فيروس كورونا على ساحة النقاش الفكري، تجيء قضية الأمن الغذائي، والتي اكتشف العالم أنها في واقع الأمر لا تقل أهمية عن الأمن السياسي والعسكري للدول في أوقات الأزمات.

كشفت أزمة كورونا عن استعداد بعض الدول في مواجهة الطوارئ على صعيد الاحتياطيات الغذائية والدوائية، فيما انكشفت أخرى، الأمر الذي تسبب في اضطرابات مجتمعية سوف تظهر آثارها في السنوات المقبلة ولا شك.

أثبتت القيادة الإماراتية وسط أزمة كورونا أنها تتسم بمستوى عالٍ جداً من الرؤية الاستشرافية والتقدير الاستباقي للأحداث، وقد أدرك العالم كافة أن الإمارات تعيش وسط سردية راقية من الفكر الإنساني الذي يمزج بين الدين والدنيا، وبين التضامن الإنساني الخلاق والوعي الأكيد بمصادر النعمة التي يجب صونها وبعيداً عن أي مجال من مجالات الإسراف.

ولعل الحقيقة التي ينبغي الإقرار بها هي أن العقود الأخيرة أضحت سمتها الاستهلاك الزائد غير المجدي، وعلى هوامشه يجري الإسراف.

وفيما البعض على الجانب الآخر من الأطلسي يلقي بملايين من أطنان الحبوب في المياه كي لا ينخفض سعره في الأسواق العالمية، تتضور جوعاً شعوب برمتها من جراء نقص رغيف الخبز اللازم لإقامة أود الحياة.

قبل بضعة أيام وخلال محاضرة استضافها سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مجلسه الرمضاني الواسع الفكر والآفاق، وبشراكة معالي مريم المهيري وزيرة الأمن الغذائي، بدا واضحاً أن صوت العقلانية والإنسانية يمتزجان في حديث القائد المحبوب والمرغوب من الإماراتيين شعباً ومقيمين، والمقدر جداً من شعوب العالم.

تضامن الإمارات شهدته دول العالم من خلال الطائرات التي حملت مئات الآلاف من الأطنان الغذائية والدوائية لتوزع شرقاً وغرباً، ولتضحى الإمارات من جديد رقماً مضافاً في مسارات الإنسانية الوضاءة المنيرة بالمحبات، الدولة الرسالة التي تقدم أنموذجاً من المحبات الحقيقية.

هنا كان سمو الشيخ محمد بن زايد يتحدث عن السخاء المبارك والمحبوب في فعل الخير، وفي إسداء المعروف وغوث الملهوف، تلك السمات الراقية المرتفعة إلى أعلى عليين في السماوات، والإرث الذي لا يفنى ولا يضمحل للأب المؤسس زايد الخير رحمه الله وغفر له.

على أن سموه وفي مجلسه الرمضاني كان يدعو إلى فعل حضاري ألا وهو ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، ويطالب بتعميم هذه الثقافة على الجميع، انطلاقاً من أن منظومة الأمن الغذائي لها شقان الأول هو الإنتاج الغذائي، والثاني هو ثقافة التعامل معه، بمعنى حسن التدبير والتوزيع وحتى تتحقق أعلى درجات الكفاية الغذائية الإنسانية في الداخل الإماراتي.

حديث الشيخ محمد زايد في مجلسه الأخير، هو حديث القائد الواثق من استماع شعبه إليه ومحبتهم إياه، وهو حديث الطمأنينة المطلوب من كل قائد في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، إذ أكد سموه أنه على الرغم من التحديات التي يواجهها العالم أجمع، والإمارات جزء منه، إلا أن سلسلة الإمداد الغذائي في الإمارات لم ولن تتأثر سواء من ناحية الإنتاج المحلي أو المخزون الاستراتيجي أو عبر الاستيراد.

يطمئن القائد الإماراتي شعبه بأن عملية توفير الغذاء مستدامة وأولوية قصوى بالنسبة للحكومة، الأمر الذي يلقي بتبعات من المسؤولية على الرعية.

تبقى الإمارات في أمن وأمان طالما وجد فيها قيادة حكيمة من جانب، وشاب وبنات يفاخر بهم سمو الشيخ محمد بن زايد من ناحية أخرى.