السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

استنساخ روح

أن تعيش (مع) مَن تحب، ليس كأن تحذف كلمة (مع) وتعيش مَن تحب! أي تعيشه ويعيشك، ففي الحب نحن لا نحيا (مع) بعضنا، وإنما نحيا بعضنا، لأن أي شي مع من تحب يكون كل شيء، وكل شيء مع من لا تحب لا يكون شيئاً، فكل الأشياء الممتعة مملة بدونهم، وكل الأشياء المملة ممتعة معهم، وكل الأشياء الجميلة قبيحة في غيابهم، وكل الأشياء القبيحة جميلة في حضورهم، باختصار هُم الموسيقى الفعلية التي تعزف معنى حياتنا.



المايسترو (يوهان شتراوس الابن) هو بذرة الحب الأولى التي حملت اسم أبيه الموسيقار (يوهان شتراوس الأب)، وأيضاً يعرف باسم (يوهان شتراوس الأصغر أو الثاني) وهو مؤلف موسيقي يكتب النوتات، خفيفة النغمات، واختص بألحان الرقصات والباليهات، وشتى أشكال المازوركات والأوبريتات، ألَّف أكثر من 400 مقطوعة، ونُحت اسمه في سماء الفن وفي كل موسوعة، ولقب بــ«ملك الفالس» صاحب أكثر الألحان المسموعة، حيث يعود له الفضل في انتشار مختلف أنواع الفالسات، وكأن روح والده الإبداعية أضافت إليه بعض اللمسات، رغم أنه في الحقيقة لم يشجع ابنه على تعلم الموسيقى عندما كان حياً، ولعل القدر شاء أن يشجع فلذة كبده وهو ميت!



كان لديه شقيقان، وكانا مثله مؤلفين وموزعين وملحنين مبدعين، ولكنهما لم يكونا معروفين أو مشهورين، فقد اشتهرت أعماله كثيراً وأحبها الناس جداً، فلم يجدا رداً، ولم ينافسانه أبداً، ومن أهم مؤلفاته (أوبريت الخفاش، والبارون الغجري، والأربعين حرامي، وحكايات من غابات فيينا) وغيرهم الكثير، فقد كان (يوهان) يؤلف بشكلٍ غريب ومثير، وينتج وابلاً من الألحان بغزارة وكثرة، ومع ذلك تبقى رائعته (الدانوب الأزرق) الأكثر شهرة، فهي تعد خلاصة المجتمع النمساوي الراقي في زمن الطبقية، أثناء سنوات غروب الإمبراطورية المجرية.



توفي (يوهان شتراوس الثاني) بمرض ذات الرئة، وإلى يومنا هذا لم يتميز أحد مثله في هذه الفئة، كما لو أن استنساخ الأرواح، قد ولّى وراح، عندما مات وراح!