الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لا نزال مع الراوي المميز الحبسي

تحدثت الأسبوع الفائت عن الحبسي راوي الحكايات المميز، وقد سقط منّي سهواً اسمه الأول ألا وهو سلطان بن عبيد الحبسي، رجل من رجال الإمارات الأوائل الذين عاشوا مُرّ الحياة أكثر من حلوها، سجلت لقائي الثاني معه في 15 يونيو عام 1988 في عيادة الأسنان بمنطقة دسمان بمدينة الشارقة، حيث كان يعمل حارساً هناك، وكان رجلاً مرحاً طيباً (مرحباني) ـ كما يقول أهل الإمارات ـ أي كثير الترحيب والكرم.

عدت له في يوم آخر وكان قد استعد لي استعداداً أفضل هذه المرة، فأكد على ملامح الحكايات التي رواها لي سابقاً مستعيداً شريط ذكرياته بعدما أنعشته المقابلة الأولى، وقد كانت تلك الحكايات بالترتيب، حكاية نصيب الحطاب، حكاية الحظ العاثر، حكاية السلطان والسبع، حكاية الشيخ وأولاده، كما روى لي مجموعة من الأبيات المتفرقة من حدوات الغوص (مفرد حدوة)، وفي إنشادها تسمى شلّة، والشلاّت هي إنشاد الحداء أو السجع، كما روى لي بعض القصائد التي كانت تنشد في مواسم الغوص بشكل رئيسي.

الجميل في لقائنا الثاني أنه حكى لي حكاية أبيات مشهورة في دبا، حول رجل من (الدبانيين) أي من أهل دبا، ذهب ليعمل غواصاً عند النوخذة المشهور في دبي المسمى (الدليل) لكن الرجل الدباني عجز عن الإيفاء بمهمته في ذلك العمل الشاق والمضني، فعاقبه النوخذة الدليل، فقام الدباني وهو تحت العقاب يُنشد الأبيات الشهيرة:


يا نوخذة ماْ قدرت أنا اسوب


والحبل قطع لي ايديّه

ذاكر دبا ومْويهة الدوب

ورطب خواطر واشهليّه

أنشد تلك الأبيات على النوخذة الدليل عسى أن يحن عليه.

ثم بعد الانتهاء من ذلك الموضوع، عرّج على موضوع آخر، يعد مفصلاً مهماً في التراث الإماراتي، ألا وهو المقيظ، فالمقيظ هو رحلات الصيف، حيث دأب المجتمع الإماراتي على رحلات الشتاء والصيف، ورحلات الصيف كانت هي الأهم، فقد كانت تصاحبها كثير من التقاليد والعادات الجميلة، بدءاً من إعداد الرواحل إلى دروب سير القوافل وما يصاحبها من استراحات ومأكولات وغناء وأدب، فحكى لي باستفاضة مرويات كثيرة عن ذلك التراث الغني.

إن سلطان عبيد الحبسي، كان مكتبة شفهية مهمة من تلك المكتبات الإماراتية الكثيرة التي نهلت منها الأدب والمعارف الشعبية التي كوّنت التراث الثقافي الإماراتي.