الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التوطين أمانة

في عام 1958 سقطت طائرة فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي، وكان هناك 8 لاعبين ممن توفوا في الحادث يلعبون لصالح المنتخب الإنجليزي، الذي كان أيضاً مرشحاً لأن يفوز بكأس العالم 1958، ولكن وفاتهم تسببت بخسارة كبيرة للنادي وللمنتخب الوطني.. كان ذلك حلماً أشبه بالمستحيل من بحث عن المواهب وتدريبها وتطويرها، ولكن مع الجهد والإصرار والمثابرة تُوج عمل النادي بتحقيق الفوز بالدوري عامي 1965 و1966، والفوز بكأس أوروبا عام 1967-1968.. هذه حكاية بسيطة في كيفية صناعة النجوم في الأوقات الصعبة وتحدي المستحيل.

وفي نهضة دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى نفس المنوال استعانت الدولة بكل صاحب خبرة وحرفة للعمل حتى إنها ضاعفت الرواتب والعطايا للبعض من المتميزين للعمل في المشاريع التنموية بعد اكتشاف النفط، من أجل تطوير الإنسان والعمران، وبعد أكثر من 40 عاماً من النهضة التعليمية والاقتصادية حصدنا شعباً متعلماً ومطلعاً على أفضل التقنيات الإدارية والعلمية، لكن ما نواجهه اليوم حينما يتقاعد مدير شركة كبرى مثلاً، يفشل مجلس الإدارة في اختيار بديل مواطن من داخلها لمواصلة مسيرة التميز.

إن المدير المتقاعد أو المُقال كان لديه في أغلب الحالات وقت لتجهيز قائد مواطن يخلفه، لكنه لم يفعل، وهنا من المفترض ومثلما يتم محاسبة مجالس الإدارات على الأرباح والخسائر تتوجب محاسبتهم على عدم تطوير القيادات الوطنية في الوظائف الاستشرافية والفنية والقيادية.


وبناء على خبرة طويلة في العمل في القطاعين العام والخاص ولجان التوطين، أقول: إن فكرة التوطين 100% غير صحيّة بتاتاً، وسبق أن ذكرت في مقالات سابقة أن التوطين بنسبة 70% مواطنين، و30% من غير المواطنين يعتبر أمراً صحياً، حيث يجب أن يكون اختيار غير المواطن للعمل في مجال (نادر)، أو بامتلاكه مهارة غير عادية لا يتوفر البديل لها بين المواطنين، وإن أفضل مثال على ما ذكرت كرة القدم، حيث يتم التعاقد مع لاعبين أجانب للعب مع الفرق المحلية وقد تنجح الفكرة، ولكن أيضاً شاهدنا أندية كبيرة تدهورت نتائجها لأنها جلبت أجانب (مغشوشين)، استفاد من صفقاتهم المالية بعض الإداريين المواطنين والمدربين الأجانب، وإذا أسقطت الأمر على الشركات والبنوك المحلية، فستجد أن الوضع مشابه (نسمع جعجعة توطين ولكن لا نجد طحيناً)، وكل الموضوع مجرد «شو إعلامي».