الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

لا يعرفون أكثر مما تعرف

الإنسان يكتسب خبراته ويتعلم الكثير من خلال التجارب وما يمر به من عقبات وصعوبات، وكما يقال الحياة أكبر مدرسة، ومن لم تعلمه المدرسة فستعلمه الحياة. لذا لا غرابة أن الإنسان كلما نما وكبر كلما تزايدت خبراته ومعارفه. ومن نافلة القول أن خبراتنا تتراكم يومياً ونزداد معرفة وإدراكاً في الطرق والوسائل الأفضل عند التعامل مع الآخرين، وفي مختلف مجالات الحياة الاجتماعية.
في هذا السياق، الإنسان نفسه يزداد معرفة بنفسه وبرغباته ومعرفة بقدراته وتطلعاته، بل حتى في مجال الموهبة البعض يتعرف عليها بعد مضي بعض العمر، والبعض يعتقد أنه ملم بحاجاته النفسية ولكنه فهم هذه الحاجة خطأ، وخير شاهد يمكن استحضاره للدلالة والتوضيح، من خلال الطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية ويقفون على أعتاب الدخول للدراسة الجامعية، حيث يختارون تخصصات بعيدة تماماً عن رغبتهم وما تميل إليه أنفسهم، وبعد الدخول للتخصص الجامعي يكتشف أنه ارتكب خطأ، هذا يوضح أننا بحاجة إلى أن نفهم أنفسنا، وأن هذا الفهم قد لا يحصل بشكل عفوي وبسيط وإنما يحتاج لمعرفة وتدقيق وأيضاً إلى خبرة. الجانب الآخر عندما يأتي أحدهم ويتحدث عن نفسك وميولاتك بالنيابة عنك، ويؤكد أنه يعرف ما تريده وما تحتاجه أكثر من معرفتك بنفسك، ويوجهك ويرشدك إلى خيار بعيد تماماً عما ترغبه ولا تجد نفسك فيه. هذه الحالة عبر عنها الفيلسوف والكاتب الروماني إميل سيوران، عندما قال: «تعيش عمرك وأنت تكتشف كل يوم شيئاً جديداً في نفسك ثم يأتي من يقولُ لك أنا أعرفك جيداً» لا أحد يمكنه معرفة حاجاتك النفسية أكثر من معرفتك أنت بنفسك، لكن من المهم أن تتعرف على هذه النفس، من المهم أن تدرك عمقك الوجداني وما تجد فيه الراحة والهدوء، ثم تضع القرارات التي تحدد مسيرتك وتوجهك المستقبلي.