الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

لا يريدون سماع الحقيقة

ألم يسبق أن أسديت نصيحة من القلب لصديق أو زميل مقرب منك، وتفاجأت بعدها بأنه يتجنبك ويقاطعك أو لم يعد كما كان في تعامله معك؟ ألم يسبق أن قام أحدهم باستشارتك في موضوع ما، وعندما أعطيته وجهة نظرك ورؤيتك اختلف معك تماماً وأصبح في موقف دفاعي، وكأنك بنصيحتك تنال منه ومن رغبته؟ ألم يسبق أن شاهدت حدثاً أو مر بك موقف يمس إنساناً عزيزاً وقريباً من قلبك، فبادرت لتخبره وتقترح عليه الطريقة المثلى والصحيحة لمعالجة هذا الموقف، لكنك صدمت بردة فعله ورفضه تصديقك أو حتى التأكد مما تقوله؟ أكاد أجزم بأن معظمنا مر بمثل هذه المواقف بطريقة أو أخرى، بل يمكن أن تكون هناك مواقف مشابهة ومماثلة وقعت لأي منا، حيث يقوم أحدنا بالمبادرة ويقول كلمة حق من عمق القلب وبكل شفافية، وهو يتطلع ويسعى ليفيد صديقه أو زميله دون أي هدف آخر سوى مصلحة هذا الصديق، ومع هذا تم تكذيبه ومقاطعته وتجنبه. مثل هذه الحالات واقع في حياتنا ولا مجال لمعرفتها إلا بعد الوقوع فيها، بمعنى لا تعرف ردّة فعل المقربين منك إلا بعد تقديمك النصيحة أو قول كلمة حق. البعض مهما كانت علاقته قوية بالآخرين فإنه يتجنب التحدث في موضوع لا يخصه أو لا يمسه، حتى وإن كان في حديثه منفعة حقيقية لصديقه، ويعلل السبب في تجنب سوء الفهم أو التدخل فيما لا يعنيه، وأنه يحمي صداقته ويديم بقاءها، وهنا ندخل في موضوع آخر يتعلق بالضمير، لأن السؤال البدهي كيف يمكن أن تتغاضى عن موضوع يسيء ويضر بصديق أو إنسان مقرب منك وتتجاهل الحديث معه وتنبيهه بحجة المحافظة على هذه الصداقة؟ بطبيعة الحال الموضوع يحتاج لفك تشابك إن صح التعبير، لكن المفاجأة من ردّة فعل المقربين منا عندما تحدثهم عن حقائق تمسهم وتضر بهم واقع مشاهد. وكما قال الفيلسوف فريدريش نيتشه: «أحياناً لا يرغب الناس في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم».