الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

لا.. «ليس مُخرّفاً»

«مقياس انضباط الأمة الأخلاقي هو: توقير كبار السن»، ويسير هذا المبدأ مع كل ما وصَّى به ديننا الإسلامي الحنيف، وتماهى معه العرف في تعميق قيم الاحترام والمحبة والتقدير لهذه الفئة.

ومنذ نعومة أظفارنا أدركنا أن ذوي الشيب لهم مكانة كبيرة ومعاملة خاصة.. كبرنا ولمسنا الهيبة التي يفرضونها في أي مجلس يتواجدون فيه، بحكمتهم وتجاربهم الطويلة في الحياة بحلوها ومرها.

من كبارنا كنّا نستمد الثقة والطمأنينة حينما تعصف بنا المواقف بعظمتها وتفاهتها، فنجدهم الحضن الحاني والعقل الحاضر الذي يزيح الغمامة عن أفكارنا المشوشة، بعبارة أو بيت شعر أو حكمة وقصة يسردونها لنا وفيها من العظة والدروس المنهل الوفير.


وليست الحياة مثالية يسيرةً دوماً، فهناك العجوز المتطأطئ رأسه، الفارك يديه متحسفاً ومردداً ما قاله الشاعر أبوالعتاهية:


فيَا لَيتَ الشّبابَ يَعُودُ يَوْماً

لأُخبرَهُ بمَا فَعَلَ المَشيبُ

من العيب أن يوصم بألقاب تنسف عنه العقل، فيقال: «خذه على قد عقله.. مخرّف»، واليوم أصبح الهجوم رقمياً مقيتاً.. سِجَالات هنا وهناك، خجلت وأنا أطالع في مدى استسهال التشمت ببعض ما يكتبه كبار المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي، وهجوم الشباب الذي كان خالياً في أحيانٍ كثيرة من الاحترام وحسن التحدث واللباقة، متناسين أنهم يمثلون وطنهم ومجتمعهم الذي هو براءٌ من هكذا أخلاق.

وذلك لا يعني المسايرة والتبجيل وموافقة الرأي بشكل عمياني.. إذ جميل أن يحاور الصغير الكبير وأن يحتوي الكبير الصغير.. وسط اعتراف بأن الطرفين يتعلمان من بعضهما البعض بغض النظر عن عامل السن.

قد لا أتفق مع المضمون وقد يعجبني، إلا أن النقاش يجب ألا يخلو من الذوق النابع عن دماثة الخلق.