الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

زهايمر لحن

أغلب الأمراض العقلية السائدة، تنتج عن كمية اليقظة الزائدة، لكن ماذا لو يُصاب القلب بالزهايمر وينسى؟ فلا يتذكر ما قد مضى وما أمسى! أتراه حينها يقع في حبٍ مختلفٍ وجديد؟ أم أنه سيحب مَن لم يستحقه من جديد؟ عموماً، آفة العلم النسيان، وآفة الألم عدم النسيان، لكن هل يمكن لملحنٍ ألا يتذكر ألحانه؟ وألا يذكر مكانته أو حتى مكانه؟ وربما اسمه وعَمَله وعِلمه وزمانه! فأحياناً لا يستطيع الواقع أن يتذكر الخيال، وأحياناً لا يستطيع الخيال أن ينسى الواقع! تذكروا هذا جيداً........!

هو (آرون كوبلاند) الملحن والموزع والعازف والكاتب والناقد، صاحب البال الطويل والصدر الواسع غير الحاقد، اعتبره العالم أبرع موسيقي أنجبته الولايات المتحدة الأمريكية، وُلد في العصر الحديث ليعزف الروائع الكلاسيكية، ابتكر أعمالاً مهمة ساعدت في تحرير بلاده من قوالب النوتات الأوروبية، وساهمت في تطوير ملامح الهوية اللحنية الوطنية، كما شارك في سينما هوليوود بموسيقاه التصويرية، وكتب «تنويعات للبيانو» في عملٍ تميز بالجمال المهيب والحيوية، وكذلك العديد من الأعمال «السولو» التي تتطلب الكثير من المهارات الفردية، وفي عام 1925 عرضت سيمفونيته لأول مرة برعاية جمعية نيويورك للسيمفونية، وهكذا استمر (كوبلاند) في الإبداع والابتكار، إلى أن فاز بجائزة الأوسكار، وأيضاً الميدالية الوطنية للفنون، وكأنه وجد في نفسه الكنز المدفون، وكذلك نال وسام الحرية الرئاسي، وعدة جوائز أخرى في زمنٍ قياسي.

قاد الأوركسترا من أعمال الموسيقيين الآخرين بشغفٍ وفهمٍ كبير، وشجع المواهب كلها أينما وكيفما رآها في الصغير والكبير، وتعامل بأخلاق واحترامٍ شديد مع جميع المعجبين، ولم يرد يوماً على أقوال الكارهين وأفعال الحاقدين، ولعله كان يعمل جاهداً لكي ينسى جروحه، فنسي كل شيء تدريجياً حتام نسته روحه، فقد توفي (آرون كوبلاند) بسبب مرض الزهايمر اللعين، وذلك في عمر التسعين، فعاش بالضبط من سنة 1900 إلى 1990.