الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

مسبار الأمل.. طريق المستقبل

عندما أعلنت الإمارات سنة 2014 مشروعاً للوصول إلى المريخ في بداية 2021، بدا الأمرُ أقربَ إلى الحُلم منه إلى العِلم، لأنَّ إنجاز عمل كهذا في 6 سنوات يصعب تصوُّره فضْلاً عن إنجازه، ولا سيَّما في دولة حديثة النشأة، لكنَّه تحقق، فقد أطلقت الإمارات مسبار الأمل إلى المريخ، يوم الاثنين الماضي، ليقطع مسافة 493 مليون كيلومتر في 7 أشهر قبل أن يصل إلى هدفه في فبراير2021.

وسيرسم المسبار أوَّل خريطة دقيقة للغلاف الجوي الخارجي للمريخ، ويرصد تغيرات الطقس اليومية والتحولات المناخية المختلفة، ويرى علماء فلك بارزون أن المسبار سيُزوِّدنا بدراسة شاملة لهذا الكوكب، بما يُعمِّق معرفتنا لطبيعته وتكوينه ومدى إمكانية الحياة البشرية فيه.

قد يقول قائل: أليس هذا تَرَفاً علميّاً لم يَحِن وقتُه لدولة فَتِيَّة لا تزال أمامها تحديات كثيرة في الأرض، تجب مواجهتُها قبل غزو الفضاء؟


لكنَّ مَن يطرح هذا السؤال يخفى عليه شيء مهم، وهو أنه لا يوجد تَرَفٌ في العلم، فكل خطوة علمية في أي مجال أو مكان تقود إلى خطوات أخرى في مجالات عدة، فمعرفتنا لطبيعة المريخ وتكوينه وتحولاته المناخية المختلفة لا تساعدنا في معرفة هذا الكوكب فقط، ولكنها أيضاً تفتح أمامنا آفاقاً رحبة لاكتشاف واستغلال موارد الأرض من مياه عذبة ونفط ومعادن.


لذلك، فإن مسبار الأمل مفخرة لنا جميعاً، فهو إنتاج عربي أنجزه علماء الإمارات في وقت قياسي، ومن شأنه، بالإضافة إلى ثماره العلمية الكثيرة، أن يُعزِّز ثقتنا بأنفسنا، ويحفزنا على التوجُّه لإنتاج العلم بدلاً من استيراده مُعَلَّباً واستهلاكه، لكي نُسهم من جديد في تطوير الحضارة البشرية، ونستعيد دَورَنا التاريخي عندما أطلق الخليفة المأمون قبل 1190 سنة أوَّلَ مشروع علمي متكامل، واستقطب له العلماء من كل مكان وأسَّس مجتمعاً علميّاً، فأصبح للعرب والمسلمين الريادة في جميع المجالات العلمية كالفيزياء والفلك والرياضيات والطب والهندسة وغيرها من العلوم التي اعتمدت عليها أوروبا في الخروج من ظلامها وفي نهضتها، وظلَّت العربية اللغة العالمية للعلم والفلسفة لقرون طويلة، قبل أن يُزيحَها الاستعمار الحديث ويُحِلَّ لغاته مكانها.

واليوم ها هو العالَم يرى ويسمع إطلاق مسبار الأمل باسم االلغة العربية، بعد أن صنعته أيْدٍ عربية، فهنيئاً للإمارات بهذا الإنجاز العلمي العظيم.