الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

رص الكلمات والواقع

يقال إن الإبداع محصلة من الصراع الذهني المحموم المتواصل، وأنه مرهق لكل من يسعى لتحقيقه، وهذا بديهي فلا إبداع بدون ضغط وسعي وعمل مضنٍ وجهد تفكيري متواصل، ولعل هذا ما يوضح البون الشاسع بين كل من يتوجه نحو الإبداع كشعار وأقوال وأولئك الذين يحققونه كعمل وعلم ويسعون للتميز فيه وينجحون في مجالاته وتكون شواهده على أرض الواقع ماثلة. يمكن لأي واحدا منا أن يصف نفسه بأنه مبدع، وقد يقول عنه المقربون إنه مبدع، لكن على أرض الواقع لم يقدم فعلاً ما يجعله من بين هذه الصفوة. عندما تكون مبدعاً فستلاحظ ما قدمته وما أبدعت فيه، لا تحتاج لمن يقدمك ولا لمن يزكي نجاحك، لأن الإبداع يتحدث عن نفسه. مواضيع الإبداع والابتكار والنجاح والتميز ونحوها، تتردد ونسمعها بين وقت وآخر، البعض يمتهن رفعها والحديث عنها، لكنه بعيداً عن سياقها ولا يفهم متطلباتها، لذا هناك فرق واضح وشاسع بين رص الكلمات والواقع. لا أريد أن يفهم من كلماتي أن الإبداع خاص بأناس محددين، أو أن أضفي قدسية أو مهابة على العملية الإبداعية، لا أريد أن يفهم أن الإبداع خاص لمن يتميز بالذكاء والقدرات العقلية المتميزة، إطلاقاً، لأن الإبداع عام ومشاع، وليس وراثياً يأتي مع الولادة، بل هو مكتسب يمكن لكل واحد منا أن يكون مبدعاً متميزاً وناجحاً إن تمكن من القيام بإجراءاته ومتطلباته على أكمل وجه؛ مثل العلم والمعرفة والمعلومات اللازمة وعملية تفكير قوية ومنطقية ومحددة ودقيقة ومستمرة. هنا تكون مبدعاً وفي طريق النجاح المشاع للجميع، إلا أنهم قلة من يسلكون ويسيرون في هذا الطريق.