الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الولايات المتحدة والشرق الأوسط الجديد

هل بدأت الولايات المتحدة الأمريكية مسيرة جديدة في منطقة الشرق الأوسط وكذا الخليج العربي، بعد دورها الفاعل في تحقيق السلام على صعيد المنطقة، ومحاولة إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي الذي دام لعقود طوال؟

يبدو أن ذلك كذلك، قولاً وفعلاً، إذ إنه ومنذ نهاية الولاية الوحيدة للرئيس الديمقراطي جيمي كارتر أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لم يُقدَّر لأي رئيس أمريكي أن يحلحل الأوضاع المتكلسة في الشرق الأوسط، مثلما فعل الرئيس دونالد ترامب.

وبسرد سريع لرؤساء أمريكا منذ ذلك الوقت، نجد أن الرئيس الجمهوري رونالد ريجان كان مشغولاً إلى أبعد مدى في مواجهة ما أطلق عليه قوى الشر والتي كانت تتمثل بالنسبة له في الاتحاد السوفيتي، وجاء من بعده نائبه جورج بوش الأب ليضع اللمسات الأخيرة على سقوط الستار الحديدي وانهيار جدار برلين، فيما خليفته بيل كلينتون اهتم بالاقتصاد الأمريكي في الداخل، وكان قد اقترب من إنجاز كامب ديفيد الثانية، لكن الحظ لم يوافقه، فيما جورج بوش الابن انشغل بحروب الشرق الأوسط، بأكثر من سلامه، وأوباما فضَّل الابتعاد وإدارة المشهد من وراء الكواليس، مع أنه أبدى في أيامه الأولى إرادة قوية ولو ظاهرياً لإنهاء الصراع.

هل أوفت آلهة الأوليمب لترامب دون غيره من الرؤساء؟

الشاهد أنه، وقبل أن يدخل البيت الأبيض، كان من الواضح أن الرئيس الأمريكي لديه نية واضحة وعزم ثابت على تغيير الأوضاع وتبديل الطباع في هذه المنطقة المنكوبة والمصابة باليأس، حيث أصبح الموت فيها عادة أكثر من أي شيء آخر.

بدا مبكراً أن ترامب يود أن يكتب اسمه في سجل القياصرة الأمريكيين، وذلك من خلال عمل كبير ومثير يتذكره به الجميع، وليس أعظم من السلام قيمة وقامة.

قبل سنوات احتدم الجدل العقلي والسياسي، ودار السؤال في الأوساط الأممية حول ما إذا كانت واشنطن مهتمة بأن تبقى في الشرق الأوسط، أم أنها حزمت عزمها وعقدت أمرها على الفرار من تلك المنطقة والانسحاب منها إلى غير رجعة.

الآن يمكن القطع بأن واشنطن عازمة كل العزم على أن تكون شريكاً فاعلاً بشكل كبير ومؤثر في مسارات ومساقات جديدة تفتح الأبواب أمام شرق أوسط جديد.

ليس من داعٍ للخوف أو الشعور بالنقص أو صغر الذات أمام الجيران الإقليميين، فالعرب أمة حضارية تاريخية، فتحت أبوابها أمام الانفتاح الجاد والجدي مع كل الأمم والدول والحضارات طوال الماضي القديم، والآن هي تعيد اكتشاف قدراتها بعزة وكرامة، ساعية لتغليب ثقافة السلام، على مرتكزات الخصام.

على أنه من الحق أن يقال إنه لم يكن لواشنطن ولا للرئيس ترامب أن يفعلا شيئاً لو لم تتوافر الإرادة الإماراتية الصادقة في أن يعم السلام ربوع منطقة الشرق الأوسط، وأن يجرب الناس مآلات أخرى غير الحرب والكراهية، النار والدمار.

حركت الإمارات الماء الراكد حكماً، وساعد وجود رئيس أمريكي لديه مقدرة جيدة على عقد الصفقات، وهذا ما يميزه، بمعنى أنه عادة ما يلجأ إلى أفكار إبداعية من خارج صندوق الأفكار المعلبة أو التقليدية.

الشرق الأوسط ينتظر، حقاً، أياماً أكثر ازدهاراً، ويتطلع لبناء جسور، وتحطيم جدران الخوف من الآخر، وهذه لحظة تاريخية، لو يعلم الناظر، وعلى الجميع الإمساك بها إلى ما شاء الله..

مهما يكن من أمر، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن السلام أنفع وأرفع من الخصام.