الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

لا تتخلَّ عن رابطة الدم

الحياة المعاصرة بما تحمله من مهام وواجبات وأعمال، جعلت الكثير من القيم والعادات المجتمعية التي عشناها، أو تلك التي عاشها الآباء والأجداد، تأتي في مرحلة أقل، بمعنى باتت الأولوية هي لهذه المهام والواجبات الجديدة، على سبيل المثال زيارات الأهل وبناء جسر من التواصل والصلة مع الأرحام والأقارب، هي من الواجبات الاجتماعية التي نتوارثها جيلاً وراء جيل، دوماً هناك متسع من الوقت للقيام بها بحب وعفوية، بل إن البعض يتوجه نحوها كحاجة للشعور بالمحيط والأهل في ظل الضغوط والمهام التي لا تنتهي. ومع هذا نلاحظ أنه أمام طبيعة الحياة التي نعيشها باتت مثل هذه الجمعات واللقاءات شحيحة أو نادرة، ولا يتم التواصل إلا عبر الرسائل القصيرة من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، في المناسبات المختلفة، ومع مرور الأيام يتم تناسي تلك الرسائل، ولا تصبح مغذية ولا مجدية ولا مفيدة. الأبناء لا يزورون بيت الجد والجدة، ولا يقفون على خدمتهم والسهر على راحتهم، ولا يتلمسون ما يحتاجونه وهم في هذا العمر المتقدم، وإن حدثت زيارة فهي سريعة وكأنهم ضيوف وغرباء. إحدى الصديقات تقول قبل نهاية العام الدراسي بأيام، وخلال إيصالي لابنتي إلى مدرستها، قابلت زوجة أخي، وسعدت برؤيتها، وسألتها عن سبب وجودها في المدرسة، فقالت أنها توصل ابنتها، والمذهل أن ابنتها في نفس المرحلة التعليمية لابنتي، التي عندما عادت سألتها عن ابنة خالها وهل تعرفها؟ فقالت أعرفها بشكل سطحي، ولا نتحدث مع بعضنا البعض، ومرة أخرى سألتها عن السبب، فقالت لأن لها صديقاتها ولي صديقاتي. لكن السبب الحقيقي في هذه الفجوة بين بناتنا وأبنائنا، نحن كأمهات وآباء، ويمكن القياس على مثل هذه الحالة كثيراً. يوجد انفصام غير مبرر في صلات الرحم والأقارب. إن التلاحم الأسري وتقوية العلاقات العائلية مفيدة للإنسان واستقراره النفسي وللشعور بالاطمئنان الداخلي.