الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

خورفكان.. و«النوستالجيا»

المكان والإنسان علاقة جوهرها قائم على التحولات التاريخية والاجتماعية وحتى الثقافية، فكم من أمكنة تسكننا وتستدعي فينا مشاعر الحنين لتدعنا في حالة نوستالجيا عارمة، تأخذنا إلى مرحلة اللاشعور عند المرور بذكريات تحفز في داخلنا مشاعر جميلة.

في الأيام القليلة الماضية انتزعت مدينة خورفكان التابعة لإمارة الشارقة أفئدة الكثيرين، وكأنها جدة تنادي على أحفادها الموزعين في ربوع الوطن لتوزع عليهم الحلوى.

نعم كانت حلوى مختلفة مع بداية الرحلة لها تشعر وكأنها مدينة الجميع، تناديك من بعيد لتمسح عنك غبار الغربة، فتشعر وأنت بين أحضانها بالحنين كأنك في قلب الطمأنينة والسكينة.


لوهلة وأنت تسير بين جبالها الشاهقة يتراءى على ذهنك ذلك الإنسان البدوي، الذي ترك الزمن على قدميه الحافيتين اللتين تدلان على الطريق جيداً، آثار زمن المقاومة والكفاح، فهي خورفكان الأبية التي صمدت أمام منجنيق المستعمر وقدمت أرواحاً دافعت باستماتة عن أرضها، التي رغم قساوة تلك الأيام إلا أنها تبقى ملاذاً يحكي قصص ارتباط الإنسان بمكانه.


كل ما في تلك المدينة المحظوظة يستدعي الماضي، فيطرأ الحنين لذكريات رحلاتنا الطفولية الطويلة من دبي والشارقة إلى قلب خورفكان لمدة تقارب الساعتين من الزمن بطريق طويل وملتف كشرائط الذهب على خاصرة الجبال المهيبة.

كانت أعيننا تتلفت يميناً شمالاً ولا ترى سوى جبال تسير إلى الخلف، بينما تقودنا المركبة إلى الأمام، ونحن شغوفون لبلوغ شاطئ خورفكان والجلوس بالقرب من فندق «الأوشيانك».

اليوم ذلك المكان أصبح يشبه تلك المدن المحظوظة القابعة في أطالس العالم، وفي نصوص الشعراء وروايات الأدباء، فطُوِّعت لتكون مادةً دسمة لفيلم سينمائي يجمع كل صنوف الإبداع الفني من سيناريو ومشاهد حية وموسيقى وصوت طبيعي وممثلين، والأهم قصة تُروى للأجيال القادمة حول مكان ليس كباقي الأمكنة.. إنه «درة سلطان».