الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أيهما أجمل: عانس أم مطلقة؟

مشكلة هذه المفردة –عانس- تبدأ من الصفة التي تحملها وأنها تخص النساء فقط، ولكن الحقيقة أنها صفة للمرأة والرجل معاً، وتطلق على كل من تجاوز سن الزواج، لذا لا يمكن أن يتم إطلاق هذه المفردة على الفتيات بمعزل عن الشباب، هذا أولاً، ثم نأتي ثانياً لمناقشة مفهوم هذه الكلمة ودلالاتها، غني عن القول إن هذه المفردة تريد توصيف كل فتاة تأخرت في الزواج، وقديماً وفي المجتمعات التقليدية المنعزلة كانت تطلق على كل فتاة تجاوزت سن الـ20 من العمر، أما في العصر الحديث ومع التطورات الحياتية، ومواصلة كثير من النساء لتعليمهن العالي، بل وتميزهن باتت صفة العنوسة تطلق لكل من تجاوزت سن الـ30 من العمر مع تحفظ عدد من الباحثين الذين قالوا إن العانس كل سيدة تجاوزت الـ40، بل ذهب البعض لأبعد عندما أوضح أن سن الـ50 هو العمر الذي عنده نستطيع أن نصف المرأة بأنها عانس، لأنه لم يكتب لها الزواج، ودللوا بعدد من التغييرات الجسدية التي تتعرض لها المرأة ومنها انخفاض إمكانية الحمل والولادة في هذه السن. لكن تبقى معضلة ترافق هذه المفردة، فهي تبتعد عن الأروقة البحثية الرصينة، فلم تتمكن من الدخول للمصطلحات العلمية، وبقيت كلمة نشاز يتم ترديدها على الألسنة وفق العادات والتقاليد القديمة لا أكثر.. وإن كان يتم قذف هذه المفردة وإشهارها في وجه كل فتاة سواء في مقتبل العمر أو أنها تواصل تعليمها العالي، فقد حولت ثقافة سائدة في مجتمعاتنا العربية هذه المفردة لبعبع مخيف يهدد قلب كل امرأة، وبالتالي هي ترضخ لأول طارق لبابها فتتزوج ويحدث في كثير من الأحيان أن هذا الزواج غير متكافئ أو غير متوازن، فيحدث انفصال وطلاق، والأرقام في هذا المجال كبيرة على مستوى الوطن العربي برمته. كلمة عانس لا أساس علمياً لها كما لا يوجد لها أساس ديني فبمزيد من البحث سواء في القرآن الكريم أو السنة المطهرة لرسولنا الكريم، لا توجد أي إشارة لهذه المفردة. ألم أقل لكم إنها مفردة لترهيب المرأة ولترضخ مع أول طارق لبابها، أو أن مصيرها سيكون العنوسة وبالتالي كثرة كلام الناس عنها. تذهل فعلاً عندما تشاهد وتسمع أثر هذه الكلمة السحري على عقليات كثير من الأسر، التي حرصت على تغذية بناتها بأفكار جميلة وبراقة عن زوج المستقبل، فيعشن وهن في مقتبل العمر على أحلام عظيمة عن فارس الأحلام، وعن حياة وردية وجميلة، ولكن الخيال يتوقف مع أول اصطدام بالواقع الصلد القاسي. وتصطدم الأسرة نفسها عندما تقرع ابنتها الباب عائدة لهم مطلقة ضعيفة مكسورة مهزومة محطمة. عندها يدركون أنهم كان يجب أن يزيدوا معرفتها بطبيعة الحياة وينموا ثقتها بنفسها لتواجه مجتمعاً هربت من كلمته السوقية «عانس» ليطلق عليها اليوم مفردة جديدة «مطلقة». على كل فتاة أن تعمل على تطوير إمكانياتها العلمية والمهنية وأن تتطلع لبناء نفسها وكيانها بالمعرفة والعلوم المختلفة، ويبقى الزواج قسمة ونصيباً، ولكن عليها أن تحسن الاختيار، ويكون قرارها لوحدها دون أي ضغوط اجتماعية.