السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمارات.. ملتقى حوار ورسالة سلام

اليوم ــ 2 ديسمبر 2020ــ تحلُّ الذكرى الـ49 لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتم الاحتفال بهذا اليوم كل عام، وهو أبرز الاحتفالات في الإمارات وأهمها، ولا يعتبر كذلك عبثاً ومن دون طائل، إنما يأتي بسبب النجاح الكبير الذي حققته هذه الدولة منذ إعلان الاتحاد، وتمکنها من تحقيق أماني وتطلعات شعبها في 2 ديسمبر 1971، عندما اجتمع حكام الإمارات السبع ووقعوا على وثيقة الاتحاد، حيث كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قائد الاتحاد، الذي عرف بكونه الأب المؤسس لدولة الإمارات، وبفضل رؤيته الثاقبة صارت الإمارات إلى ما هي عليه الآن.

لقد جاء تأسيس دولة الإمارات في فترة کان العالم يمر فيها بأزمات ومشكلات عديدة، منها الحروب والمواجهات والانقسامات والاختلافات، إلى جانب صراع القطبين بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، وقد کانت الآثار والتداعيات السلبية القائمة حينها بسبب الأوضاع الدولية والإقليمية القائمة تساعد على فشل كثير من تجارب الوحدة والاتحاد وانفراط عقدها، كما حصل للعديد من الحالات، لکن التجربة الفتية لدولة الإمارات وبفضل قائدها الفذ وحكيمها المرحوم الشيخ زايد، استطاعت أن تشق طريقها، وتمر بسلام لتبلغ بر الأمان، وتحقق واحدة من أنجح التجارب السياسية ـ الاقتصادية ـ الاجتماعية ـ الفکرية النموذجية في العالم، والتي يشار لها اليوم بالبنان.

نجاح في منطقة الأزمات

دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم، حالة مستمرة في التطور والتقدم، وتحقيق المزيد من المکاسب والإنجازات، وعلينا الافتخار بمتابعة دوائر السياسة العالمية ووسائل إعلام البلدان المتقدمة لأخبار السلام والتسامح والتعايش الإنساني الحاصل في الإمارات، بعد أن کانت تتناقل أخبار العنف والتطرف والموت والخراب في منطقة الشرق الأوسط، وهذا لعمري إنجاز لا بد من الاعتزاز به کثيراً، إذ إن القيادة المخلصة لدولة الإمارات قد جعلت منها نبراساً وأملاً معطاءً لشعوب وبلدان العالم الثالث.

كما أن التجربة الإماراتية الرائدة صارت مثالاً ونموذجاً يتم تناوله من جانب مختلف الباحثين والدارسين، والسعي من أجل سبر أغواره وتسليط الأضواء على سر هذا النجاح الکبير في منطقة الأزمات، والذي أعطى بعداً وعمقاً أکثر ترسخاً لهذه التجربة المعطاء.

لقد تنبَّهَت الإمارات لموقع الخلل الذي يقف حائلاً دون تحقيق شعوب وبلدان المنطقة للنجاحات، خصوصاً طموحاتها وأمانيها في البناء والتقدم والتغلب على مشكلاتها وأزماتها، لذلك قامت بمحاربة التطرف والأفكار المضللة التي شوهت البعد الإنساني الإيجابي في الأديان، ولعل لقاء الأخوة الإنسانية الذي تم بإبرام ميثاق بين بابا الفاتيکان وإمام الأزهر قد أرسى لعهد جديد غير مسبوق من التعايش السلمي بين الأديان وتسامح عملي بينها، وهو ما جسدته الإمارات قولاً وفعلاً، والعمل يجري على قدم وساق من أجل تحقيق أهداف المجمع الإبراهيمي ليحقق رسالة الأديان على أرض الحوار والتلاقي.

نحو حضارة متكاملة

كل ذلك يعني حرص قادة الإمارات على استمرار التقدم والتطور والبناء في مختلف المجالات، مع اهتمامهم بالجانب الفکري ـ الثقافي، لأنه يدعم الأمن والاستقرار ويجعله مترسخاً، ويسهم في بناء حضارة متكاملة، هذا إلى جانب دعم وتأسيس مراكز الوعي لتصويب الأفكار وتصحيح المفاهيم، بالإضافة إلى أن للإمارات دوراً رئيسياً ورائداً في مجال تعزيز قيم السلم ونشر الوعي وثقافة التسامح والتعايش السلمي وتحقيق السلام.

الملاحظ أنه من أهم سمات التقدم والتطور غير العادي الحاصل في الإمارات هو كونه حالة مستمرة وليست عرضية أو محدودة، ولا تتوقف عند فترة أو مرحلة بعينها، وذلك لتحقيق التطور والبناء الحضاري بالمعنى الحرفي للکلمة.

من ناحية أخرى، فإن العالم اليوم يتحدث بفخر عن برج خليفة وعن تحقيق المعجزة في إحداث نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة کلها، حتّى غدت الإمارات مرکزاً لأهم اللقاءات والاجتماعات السياسية والاقتصادية، وهذا بمثابة شهادات نجاح عالمية لتجربتها.

إن هذه التجربة المعطاءة مبعث فخر لکل عربي ومسلم، بل لکل إنسان، هنا علينا التذكير بالدور الکبير والأساسي لمؤسس هذه الدولة المغفور له الشيخ زايد، وخلفه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وولي عهده الأمين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، اللذين سارا على خطاه وحرصا على أداء دوره بهذا الخصوص، الذي نشهده ويشهده العالم معنا اليوم بصورة متواصلة.

لا نملك في هذه المناسبة إلا أن نقدم أسمى آيات التهاني والتبريك لقيادة الإمارات العربية المتحدة الرشيدة، ولشعبها الكريم داعين الله عز وجل بدعوة النبي إبراهيم عليه السلام: «رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات..»

وكل عام والإمارات، دولة الإنسانية والخير والحوار والتسامح، بأمن وأمان واستقرار وتقدم وازدهار.