الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

مطلوب رجل رشيد

أصدر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، القرار الإداري رقم (16) لسنة 2020، بشأن البلاغات والدعاوى ذات الطابع الأسري في إمارة الشارقة، ونصَّ القرار «على النيابة العامة في إمارة الشارقة قبل قيد دعاوى المنازعات ذات الطابع الأسري أو قبل التصرف بإحالتها إلى المحكمة المختصة، اتخاذ ما يلزم من إجراءات للصلح بين أطراف النزاع، مُستعينةً في ذلك بالجهات الحكومية المختصة في إمارة الشارقة مثل: المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ومجالس الضواحي والقرى، والمجالس البلدية».
فهل تعلم عدد المنازعات التي تحصل بين الزوج والزوجة أو بين الأب وابنته أو الأخ وأخته؟ خلال الفترة الماضية تطور مجتمعنا واختلط بثقافات المجتمعات الأخرى لأسباب متنوعة، وأصبح (العيب والمنقود) لا محل لهما في بعض القضايا، وللأسف خلال الفترة الماضية، تحولت النزاعات العائلية، والتي تحصل في كل بيت إلى قضايا صرفة، بحيث يمكن للبنت أن ترفع شكوى أو تفتح بلاغاً على أخيها أو والدها، ويتم تحويلها مباشرة من مخافر الشرطة إلى النيابة العامة إلى المحاكم، وهذه وجهة نظر رجال القانون، ولا خطأ في ذلك، ولكن وجهة نظر (الحاكم وولي أمر الجميع) أن هذا الوضع قد يُنصف طرفاً على آخر، ولكن يُسبِّب كثيراً من النزاعات التي لا يتم إصلاح ذات البين فيها، لذلك اقتضت حكمة ولي الأمر النظر في هذه الأمور بطريقة أشمل وأكثر تفهماً، بتدخل العقلاء من أجل إنهاء هذه الخصومة، وليس بتحويلها إلى النيابة والمحكمة، فالمسألة في النهاية مجرد نزاع عائلي.
القرار فيه الكثير من الحكمة، لأن القضايا الأسرية ذات حساسية مفرطة، ومن الطبيعي أن تكون في العائلة الواحدة منازعات وخصومات، نتيجة لاختلاف الأهواء والرغبات، وتضارب المصالح، ولو عمل كل مسلم بتوجيهات رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، وسعى إلى الإصلاح بين المتخاصمين لمنع الكثير من هذه المصائب، قبل أن تتطور وتصل إلى أجهزة التحقيق، وتشغل القضاء الذي ينبغي أن يتفرغ لتحقيق العدالة في قضايا مهمة، وهذا ما تنبّه له الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حين كتب إلى أبي موسى الأشعري يطلب منه التدخل لإنهاء المنازعات قبل أن تصل إلى ساحة القضاء، وقال له: (رد الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورّث بينهم الضغائن).