الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فكرة مفيدة.. أم ساعات مسروقة؟

لديّ فكرة.. عشرات الأحاديث اليومية تحوي هذه العبارة الافتتاحية والتي يهدف صاحبها في الغالب للفت نظر الحاضرين والحصول على إنصاتهم واهتمامهم. البعض يعرض فكرته باختصار والبعض يتجاوز الساعة خلال حديثه الذي يُمكن اختصاره في 5 دقائق! حسناً لماذا لم يختصر حديثه إذن؟ السبب أنه يرغب في التحدّث طويلاً كي يُرضي رغبته في الحصول على اهتمام الجميع، ويعتقد مُخطئاً.. أن من يتحدّث لفترةٍ أطول فهو بالضرورة يعرف أكثر ولديه قيمة فكرية أكبر!!

بعض الاجتماعات تسرق من وقت حاضريها ساعات ثمينة دون جدوى حقيقية أو نتائج ملموسة! الهدف الوحيد منها هو أن الاجتماع قد تمّ بالفعل وأن الجميع قال ما لديه! لا أحد يهتم بأن هذا الوقت والجهد الذي تم هدره لم يُقدّم «قيمة عملية» حقيقية.

لقد تعرّضنا جميعاً لسرقة عشرات أو مئات الساعات من خلال اجتماعات أو مناسبات أو أحاديث لم تكن سوى مضيعة للوقت والجهد! شخصياً أخجل من نفسي عندما أعيد العبارة ذاتها مرتين في مقال أو خطاب أو رسالة! وعندما أفكّر في الحديث في موضوعٍ ما، يعمل عقلي تلقائياً على إيجاز الفكرة ووضعها في قالبٍ مختصر قدر الإمكان، والعديد من الأصدقاء والشخصيات المقرّبة مني المتشابهة معي في هذه الصفة، عندما ينتهجون المنهج نفسه في أحاديثهم فإن فكرة الحديث تثبت في عقلي وبالتالي تكون مفيدة لي بشكلٍ أو بآخر، عكس الأحاديث الطويلة التي يصعب تذكّر حيثياتها حتى لو احتوت على أمور هامة.

يقول «تشيخوف» إن الإيجاز صنو الموهبة، وهذا المعيار حقيقي لو أردت تفعيله في دائرة معارفك! فالقادرون على إيجاز أفكارهم احتراماً للوقت والجهد، بالضرورة لديهم موهبة أفضل وقدرة أكبر على الإضافة الإبداعية لك. بينما آخرون يسرقون منك ساعات غالية من عمرك في أحاديث منزوعة القيمة العملية والمعرفية، وبجانب ذلك تجد نفسك بعدها في حالةٍ مزاجية سيئة بسبب إدراكك لقيمة الوقت الذي ذهب هباءً ولن يعود.