الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

مدمن على (الخمول)!

قد لا أحدثك ولكنك كل ما أقول، وقد لا أقول شيئاً كلما أحدثك، فالمشكلة تقع حين نقول ما لا نريد، وحين لا نقول ما نريد، ليبقى الحب هو القاتل الوحيد الذي يدفن الهم حياً، ويطوي جميع مآسي القلب طياً، سواء كنت فقيراً أم غنياً، مسناً أم فتياً، ضعيفاً أم قوياً، باهتاً أم بهياً، مريضاً أم سوياً، متعلماً أم أميّاً، مشهوراً أم منسياً، وربما إنسياً أم جنياً! فعندما يلتف العشق حول العنق، ستتنفس الحياة كلما ازداد الشنق، لأنه من عاش بلا حبٍ مات من القهر، ومن مات على حبٍ عاش أبد الدهر.

الروسي (موديست بتروفيتش موسورسكي) مؤلفٌ وملحنٌ بارع، حوّل الفعل الموسيقي الماضي إلى حاضرٍ ومضارع، ولد في عائلة نبيلة من طبقة راقية شديدة الثراء، تلقى أول درس في البيانو في سن السادسة بكل سخاء ورخاء، على يد والدته التي هز عزفها الجميل شتى الأرجاء، فأعدت له وجبة موسيقية لذيذة قبل حساء العشاء، وعندما بلغ الثانية عشر من عمر الزهور كباقي الأطفال الأبرياء، نشر أولى مقطوعاته على نفقة والده الخاصة الذي بات قدوة للآباء، لنتأكد من النتائج الإيجابية لرعاية وحب الأبناء، ولكن يأتي القدر أحياناً كما لا نشاء، حيث لم يجد (موسورسكي) من بين النساء، من تود أن تشاركه حياته في السراء والضراء، فقد كان مدمناً على الكحول في الصباح والمساء، وبالرغم من مظاهر الخمول المترتبة على تلك العادة النكراء، إلاّ أن موسيقاه أبدعت في التعبير عن مشاعر السعداء والتعساء، واستمر في إبداعه الغريب إلى أن توفي مريضاً دون عزاء، بعد 42 عاماً من إدمان حب الألم والشقاء.

نال (موديست موسورسكي) الكثير من الثناء والإطراء إلى جانب الذم والاستهزاء، ولكنه صُنِّف كأحد الموسيقيين الخمسة الروس العظماء، الذين أسسوا المدرسة القومية الروسية من الألف إلى الياء.