السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

هكذا تكون صناعة «الأمل الفسيح»

الإنسان هو جوهر كل شيء، فالدولة في النهاية إنسان، والحضارة إنسان، والتنمية إنسان، وبالإنسان تكون البداية، وللإنسان تكون النتائج والنهاية، وبدونه لا يحدث في الكون شيء، لذلك من أراد أن يحقق التنمية والنهضة والتقدم فعليه أن يبدأ بالإنسان، وأهم عنصر في تكوين الإنسان هو الدافعية التي تولد فيه الطاقة للعمل والإنتاج، والابتكار والتطوير، ولا توجد الدافعية المحفزة على العمل والكفاح وبذل كل الجهد وغاية الطاقة إلا إذا مُلئ قلب الإنسان بالأمل.

ومن هنا فإن سر الحضارة الإنسانية وصانعها هو الأمل، وكل الابتكارات والاختراعات التي غيرت وجه البشرية، وأحدثت في التاريخ نقلات كبرى كان دافعها الأمل، الأمل في غد أفضل، في حياة أفضل، في عمر أطول، في صحة أكثر، في سعادة أكبر.. إلخ، إذن فالأمل هو مفتاح كل شيء، وانعدامه يغلق كل شيء.

منذ ألف سنة تقريباً كتب أحد كبار المفكرين السياسيين العرب كتاباً في السياسة اعتبر فيه صناعة الأمل من أهم أسس ووظائف الدولة.. كتب أبوالحسن الماوردي، المتوفى 1058م، كتاباً عنوانه «تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك»، وضع فيه للدولة مجموعة من الأسس التي تقوم عليها هي: «دين متبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح»، والدين المتبع عنده يعني منظومة القيم والأخلاق، والسلطان القاهر يعني سيادة القانون على الجميع دون استثناء، أو خروج عنه، أو تسيب في تنفيذه، والعدل الشامل يعني كل أنواع العدالة القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والأمن العام الذي يتمتع به جميع الشعب في جميع نواحي الحياة، أمن على النفس والعرض والمال، والخصب الدائم يعني استمرار معدل التنمية المرتفع وعدم حدوث انتكاسات اقتصادية، والأمل الفسيح هو البعد الجديد الذي لم يسبقه إليه أحد، وهنا ينبغي أن نتأمل في إضافة صفة الفسيح للأمل.. يعني أملاً ممتداً بلا حدود، واسعاً براحاً على مدى الأفق.


وصناعة الأمل تتعلق بالوعي الجمعي للمجتمع، تحفزها حقائق واقعية، وتدفع لها طموحات منطقية قابلة للتحقق، وأول وسائل صناعة الأمل وجود رؤية سياسية للدولة تحشد الشعب نحو تحقيقها فتكون هي الأمل، وهذا هو سر نجاح وتميز النموذج الإماراتي في التنمية والابتكار والتطوير والحكم الرشيد، لقد نجحت قيادة الإمارات في صناعة الأمل الفسيح لشعبها وللعالم العربي، وكان «مسبار الأمل» شعلة الأمل في لحظة تاريخية انكفأت فيها المجتمعات تلملم جراح جائحة كورونا.