الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

خبرات معطلة

تحدث الشيخ عبدالرحمن السديس في جزء من خطبة الجمعة عن المتقاعدين، فقال: «إنَّ أعماركم رؤوس أموالكم، ورصيدكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة، فاغتنموها بالأعمال الصالحة قبل فواتها، وكما أن الإنسان مسؤولٌ عن عمره، فهو أيضاً (مسؤولٌ عن عِلْمِهِ وخِبْرَتِهِ)، فينقل خِبْرَتَهُ للأجيال اللاحقة»‏، وأضاف الشيخ (ولا خيرَ فيمن لا يعرفُ للسابق فضلاً)، فهي رسالة تأثر بها العالم العربي والإسلامي كله.

التقاعد ظاهرة اجتماعية وحضارية، حتى أصبح علماً يدرس في الجامعات، وموضوعاً يناقش على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وبُذلت المساعي من أجل دمج المتقاعد في عملية التنمية، لأن العمل يحتاج لتلك الخبرات المتراكمة كمرجعية للأجيال القادمة.

ومن أبرز برامج استثمار قدرات المتقاعدين عالمياً «جامعة المتقاعدين» اليابانية، التي تتضمن منهاجها محاضرات وبرامج تدريبية في الفلاحة وزراعة البساتين، وطرق تربية الأسماك، والدواجن والمواشي، والتدريب على كثير من الحرف اليدوية كما يتضمن منهاج الدراسة في هذه الجامعة زيارة كافة المواقع والمعالم الأثرية في اليابان، مع المساعدة في صيانة المباني والمنتجات الأثرية.


الألمان مثلاً لا يمزحون! فهم لا يفرطون في المتقاعد ويرعونه، لأنه يعتبر مخزوناً متراكماً من الخبرات ويمكن نقله إلى الأجيال التالية، لذا أنشئت (هيئة الخبراء المسنين)، والتي نجحت في تقديم خبراتها واستشاراتها للحكومة الألمانية الاتحادية والولايات المحلية، كذلك قدمت خدماتها للكثير من البلدان النامية، ونحن (نحضر شركات استشارات عالمية) لمساعدتنا ولدينا خبرات وطنية أثبتت كفاءتها الوظيفية، وتكونت لديهم الخبرات والعلاقات والاتصالات والصداقات، والذين بمقدورهم أن يكونوا جسراً تعبر عليه الأجيال الجديدة لتحقيق الارتقاء بالأداء، وأمثال هؤلاء يعدون «ثروة وطنية».


وهناك جمعية المتقاعدين الأمريكية، أفرادها نشيطون جداً، حيث يعمل البعض منهم كمرشدين ومساعدين ومتطوعين في المستشفيات، والمكتبات، وفي الطبيعة، والإغاثة، والطوارئ، كما يقدم أعضاء الجمعية خدمات استشارية للشباب في مجال إقامة مشروعات جديدة، ومن أكبر مشاريعهم تنظيم الأرشيف الوطني الأمريكي، حيث إنهم أكثر دراية وخبرة لتوثيق تاريخ وطنهم في مختلف جوانب الحياة.

سيشكل المتقاعدون في دول مجلس التعاون نسبة 25% من السكان في عام 2025، وهي نسبة تعتبر عالية في مجتمعاتنا، ولا بد أن تقوم الوزارات والهيئات المعنية بالمتقاعدين بعمل إدارة لهيكلهم التشغيلي، وإعداد برامج خاصة لهم، والتنسيق مع المؤسسات الحكومية والخاصة للاستفادة منهم، كل بحسب مجاله وخبرته.