الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

طفل اليوم.. ماذا في المستقبل؟

تصدمك بعض الممارسات التي تشاهدها في الأماكن العامة كالأسواق والملاعب أو الحدائق، وتستغرب تماماً كيف تنمو وتنتشر مثل هذه المشاهد التي فيها ولا شك خدش للذوق العام، وأيضاً لا تنم عن احترام للآخرين ولطبيعة المكان والزمان. تأتي هذه الممارسات وفق صور وأشكال متنوعة تبدأ بالملبس مروراً بالألفاظ والكلمات وصولاً إلى التسبب بالضجيج أو الزحام ومضايقة الآخرين، وغيرها كثير. وينبع التساؤل عن أسباب مثل هذه السلوكيات، وعن سبب عدم احترام خصوصيات الآخرين وحقهم في المكان العام والتمتع به كما هو معروف قانونياً واجتماعياً، ولا يمكن التبرير بأن شاباً تجاوز الـ17 من العمر لا يعرف مثل هذه البديهيات أو أنه جاهل، فجميعنا نعلم أن هذا التبرير غير صحيح، كذلك لا يمكن تقبل ما يقال إن مثل هذه الممارسات تأتي بسبب سن المراهقة، وإن هذه المرحلة العمرية تتطلب الصبر، وهذا أيضاً غير صحيح، ولا يمكن القبول به، ولنضع الأمور في نصابها، ولنقل إنه ببساطة سوء تربية من الأسرة، وسوء تعليم، وتعثر معرفي لدى هذا الشاب، وقصور إنساني أيضاً بحكم أنه لا يقدر الآخرين ويتعدى على حقوقهم دون احترام أو تقدير.. وأخشى أن تكون هذه النوعية من الشباب – والحمد لله أنهم قلة – أخشى أن تكون نواة لممارسات أكبر وأعظم في حق مجتمعهم، في تجاوزات تصنف قانونياً كجرائم، فطفل اليوم الذي لا يتعلم الحب والتقدير واحترام الآخرين، لا يمكن أن تطلب منه في المستقبل أن يمارس المسؤولية ويقوم بدور هو لم يتعلمه أو يتعود عليه، وهنا تكمن خطورة مثل هذه السلوكيات التي نشاهدها بين وقت وآخر على طرقاتنا وفي الأسواق وأماكن الترفيه.

غني عن القول إن الطفل الذي يعيش وسط جو أسري متفائل ومتفتح وسعيد ستنمو لديه فضائل عديدة من حب الآخرين والثقة وتحمل الصعاب والرضا والإيثار. والطفل الذي تغذيه أسرته – الأم والأب – بالقيم الاجتماعية القويمة سيكون نزيهاً صادقاً منصفاً وعادلاً، ومراعياً لمشاعر وحقوق الآخرين، وهذا سيكون مردوده كبيراً وعظيماً على مجتمعه وسيكون عاملاً مفيداً ومساعداً لبناء الوطن، وبالتالي ستنعدم المشاهد المحملة بالممارسات المؤذية للذوق العام، لأن شبابنا لديهم حس بالمسؤولية، ويعرفون تماماً أن لكل موقع ومكان وظيفته وبالتالي يستطيعون ممارسة أنشطتهم المختلفة في المواقع التي خصصت لكل نشاط. وعندما أقول الأسرة، فلأنها الباب الأول في مسيرة تعليم الأطفال وتغذيتهم بالمبادئ القويمة الصحيحة، فمن الطبيعي أن تكون الأسرة وتماسكها هي المسؤولة أولاً عن تربية وتقويم سلوك أطفالها، ثم تأتي بقية مؤسسات المجتمع كالمدرسة والتي لها دور كبير في تغذية الطفولة بالمعارف والعلوم المختلفة فضلاً عن تقويم السلوك. ولا أريد أن يفهم من كلماتي أنني أدعو إلى أن يعيش أطفالنا في جو من الضغط والمراقبة لأن هذه الممارسة في التربية خاطئة أخشى أنها ستولد لديهم العدوانية والكذب. بل دعوتي لاحتوائهم وتعليمهم الفضائل والقيم وحقوق الآخرين، ليكونوا في المستقبل منتجين مفكرين.