الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

اللحن المقتول!

كل المجروحين الذين لجؤوا إلى الله عادوا أطباء، فالله لا يرد من رفع يديه صفراً، وكل المجروحين الذين لجؤوا إلى الشيطان عادوا أشلاء، طبعاً بعد أن اشتدوا بطشاً وكفراً، عجباً لقلبٍ بحجم قبضة اليد، كيف يحمل داخله كوناً بلا حد! أظن أنه يجب على بعض القلوب الذهاب فوراً إلى طبيب الأسنان! لقلع أنيابها الحادة والعودة السليمة إلى فطرة الإنسان، عموماً؛ هل ترى تلك الفجوة تحت عينيك؟ موسيقى الروح مدفونة هناك! فإياك ثم إياك أن تخذل عينيك! باختصار سأشرح المعنى بشكلٍ فلسفي وربما ساخر، وسأبدأ أول سطرٍ في الشرح من الآخر، «الموسيقى تعني أنت ولكنك في جسدٍ آخر».

ولد (أنطون ويبرن) في بيئة موسيقية نمساوية، ومات قتلاً بالخطأ بطريقةٍ مأساوية، همَّ بتعلم العزف على البيانو على يد والدته في سن الخامسة، والتي كانت معتكفة على تعليمه ومهتمة ومتحمسة، وفي الـ14 بدأ تدريبه الموسيقي الرسمي، ولكنه لم ينسَ يوماً كلمة «شكراً أمي»! وفي الـ16 كتب تأليفه الأول، واستمر إبداعه مذاك ولم يتحوّل، شرع حياته المهنية كملحن من أهم الملحنين، ولكن لسوء حظه العاثر حلّ عصر النازيين، فتم حظر موسيقاه، وما عاد أحد يلقاه، فتراكمت عليه الديون، وكره نصيبه الملعون، وبالتالي قضى العقد الأخير من حياته في قيود مالية، وعزلة شديدة عن الحياة الفنية، وفي الحقيقة لم يكن (ويبرن) حاد المزاج، كما لم يكن مؤلفاً غزير الإنتاج، حيث نشر 31 عملاً فقط خلال حياته، بالرغم من اكتشاف بعض أعماله بعد وفاته، إلا أنها أيضاً لم تكن كبيرة في عددها، ولكنها تركت انطباعاً قوياً على الأجيال بعدها.

عُرف (ويبرن) بضعف البصر وقوة البصيرة، فحاول تحقيق أحلامه في فترة قصيرة، إلى أن خرج يوماً أثناء حظر التجول لتدخين سيجارة، فرآه أحد الجنود وبدون قصد أطلق عليه نار عياره.