الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

جوانب أخرى

دون أدنى شك، إن المال عصب الحياة كما يقال، وهو ضرورة لا تستقيم الأمور ولا تسير وتيرة الأعمال إلا وفقها كدافع للبذل والتطوير، وأيضاً دون شك فإنه قد حدث تضخيم ومبالغة لأدوار المال في حياتنا، حتى اعتبره البعض كالهواء والغذاء والماء، بل هناك من يقرن السعادة والفرحة بالمال، وفي هذا السياق هناك كمّ هائل من الموروث البشري الذي فلسف المال وتحدث عنه، هناك من زهد فيه وتحدث عنه بالسوء، وهناك من اندفع نحوه بحماس وتعصب وألغى الكثير من الثوابت والقيم، وبين هذا وذاك يرتفع صوت النقاش والحوار، ولا أحد يصل لنتيجة، بينما الأمور في وسطها لا تفريط ولا مسك. المال جزء من الحياة، واحد من المؤثرات فيها، تماماً كجوانب أخرى حيوية ومهمة، مثل الصحة والرزق والأسرة والعمل، ومثل حاجتنا للاحترام والتقدير والشعور بالاستقرار والراحة والسعادة، قد ترتفع أهمية المال في مرحلة وتنخفض في مرحلة أخرى، في البعض من الأوقات من حياتنا تكون المهمة الرئيسية لدينا الدراسة وإنهاء المرحلة الجامعية، ولا نشعر بسطوة وقيمة المال، لأنه يوجد من يغطي مصاريفنا، عندما نبدأ الحياة العملية وبناء الأسرة، ونصبح المسؤولين عن هذه الأسرة ترتفع قيمة المال لدينا، ويأخذ مكانة عالية في سلم الأولويات، ثم بعد مضي العمر والدخول في سن الشيخوخة، تصعد حاجة أخرى وتنخفض مكانة المال، حيث هاجسنا المحافظة على الصحة واغتنام الأوقات للعبادة، وتعزيز العلاقات الاجتماعية. من المهم أن نفهم أن المال مهم وحيوي، ومن المهم أن نفهم أنه ليس كل شيء. وكما قال فضيلة العلامة الراحل محمد متولي الشعراوي: «المال جزء من الرزق، ولكن هناك رزق الصحة، ورزق الولد، ورزق الطعام، ورزق في البركة، وكل نعمة من الله سبحانه وتعالى هي رزق، وليس المال وحده».