الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

غلاء المعيشة.. ومعالجة النمو البطيء

استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقود الخمسة الماضية أن تصنع لنفسها نموذجاً خاصاً فريداً من نوعه على مستوى العالم، يحلم بالعيش فيه معظم الجنسيات العربية والأجنبية ممن يحلمون بتحسين دخلهم المعيشي، أو الهاربون من رمضاء أوطانهم إلى دولة تنعم بالأمن والاستقرار، وتملك وضعاً اقتصاديّاً مزدهراً يتماشى مع جميع طبقات وفئات المجتمع.

وخلال السنوات الماضية قبل جائحة كوفيد-19 تغير الوضع العام في الدولة، واشتعلت نيران الغلاء المعيشي، وطالت ألسنة اللَّهب كل نواحي الاقتصاد، ومنها الاستهلاك المحلي بشتَّى أنواعه وفروعه، وارتفعت رسوم الدوائر المحلية والحكومية والخاصة بشكل لافت وسريع، كما ارتفعت قيمة الإيجارات في السوق العقاري ـ وإن كانت قد تراجعت قليلاً خلال السنتين الماضيتين ـ وبات الغلاء يطال مختلف مناحي الحياة، وأصبح الجميع يتفنَّنون في فرض رسوم إضافية وجديدة ما أُنْزِل بها من سلطان.

والبعض من الموظفين يتبارون في «نادي الرسوم والغلاء»، ويتسابقون في تقديم الأفكار الجديدة والمختلفة بشأن فرض رسوم تدر على الدوائر دخلاً جديداً، وهذا الغلاء المتراكم يتراصّ بعضه فوق بعض، وانعكس سلباً على الاقتصاد العام، أي أن مالك العقار يرفع الإيجار، وصاحب المحل يرفع قيمة السلعة، ومالك العيادة أو المستشفى، يرفع رسوم العلاج، وفي النهاية الفاتورة يدفعها المستهلك، المواطن والمقيم.


وعلى ضوء ذلك أصبح المستثمرون بين سندان الرسوم ومطرقة الغلاء، ولا يوجد أمامهم سوى مخرجين، كلاهما مرّ، إما الإغلاق أو الإفلاس، ومنهم من أعاد حساباته وقام بإعادة أسرته لوطنه، وهناك موظفون استعاضوا عن الشقق السكنية الكبيرة بالسكن في غرفة وصالة حتى يستطيعوا العيش وسط هذه الظروف، ومع استمرار هذه الحال تحوّلت دول الجوار إلى مناطق جذب واستقرار لهم، من أجل مزاولة نشاطهم التجاري والاقتصادي من جديد.


فيما جاءت جائحة كورونا خلال العام الماضي، وأكملت على الباقي من الوضع العام، ورغم الركود الاقتصادي العالمي جراء كوفيد-19، قدمت حكومة الإمارات حزمة تحفيز اقتصادية لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، ودعم الاقتصاد الوطني ليصل إجمالي الدعم إلى أكثر من 200 مليار درهم، ومع ذلك نحتاج إلى مراجعة عامة ومعالجة النمو الاقتصادي البطيء الذي ظهر قبل جائحة كورونا، وتواصل حتى وقتنا الراهن، وأيضاً مراجعة جميع الرسوم المحلية والاتحادية، والتعاون مع مُلاك سوق العقارات لأجل تخفيض القيمة الإيجارية بشكل يتناسب مع الوضع الاقتصادي العام في الدولة.