الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حلم المعراج

«الإسراء والمعراج».. مناسبة مهمة للمسلمين، فهي حدث عظيم يؤكد قدر الإيمان ورفعته، ففي هذا الحدث الكبير أسري بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المسجد الأقصى بسرعة عجيبة ووقت قياسي، لم يتمكن الناس إدراكه في تلك الفترة التاريخية، وقد كان برفقة جبريل عليه السلام على البراق، ثم صلى نبي الإنسانية عليه الصلاة والسلام في الأقصى، بعدها أعرج على البراق إلى السماء وصولاً إلى سدرة المنتهى، والبقية معروفة ومدونة في كتب التراث الإسلامي.. كما أن القرآن الكريم ذكر ذلك الحدث في محكم آياته: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾ ( سورة: الإسراء ـ الآية: 1).

و الشاهد أن المخيلة الشعبية والذهنية التقليدية لدى الناس هنا في الإمارات العربية المتحدة ارتبط بها حدثان مهمان، الحدث الأول هو الإسراء والمعراج والثاني هو ليلة القدر، فالمخيال الشعبي جمع بين هذين الحدثين برابط عجيب، فليلة القدر تقسم إلى قسمين، الأول: قسم تعبّدي والثاني هو الحلم الذي يورث قدرات عجائبية تمنح للرائي.

كثير من الآباء والأجداد الأوائل كانوا إذا شهدوا ليلة القدر وأتقنوا التعبّد فيها، وناموا على عبادة وطهارة يرون في تلك الليلة رؤيا عجيبة، فمثلاً: يرون الدنيا مقلوبة، الأرض مكان السماء، والسماء مكان الأرض وهناك أشجار نخيل مذهبة ممتدة من السماء إلى الأرض، والملائكة في صعود ونزول من بينها، ويرون عذوق النخيل مدلاة كأنها ثريات من الذهب لكنها معكوسة من الأسفل إلى الأعلى، ويرون الملائكة في صعود ونزول.


هذه الرؤيا إذا تبعها دعاء صادق فإنه يتحقق لا محالة، كالدعاء بطول العمر أو بالقدرة على الشفاء أو بقوة البصر أو غيرها من الأمور الإعجازية تتحقق بإذن الله، وتكون ملازمة للرائي الذي شهد تلك الليلة العظيمة، وقد يورّث شيء من تلك القدرات إلى أحد أبنائه الملازمين له.


الشاهد أن ابنة أو ابن الرائي الذي حلم بالمعراج بعد أن أخلص في تعبده في ليلة القدر، إذا ما أخلص النية وأحسن الرفقة لأمه أو أبيه صاحب المعجزة فقد يكتسب الصفات ذاتها.

هذه المشاهد التي أوردناها، هي من صميم الذاكرة الشعبية ورواية الرواة، الذين كانت لهم تلك القدرات، أو عايشوا أناساً كانت لهم قدرات وصفات عجائبية، وهي أمور من صميم التراث الثقافي وليست خلاف ذلك.