الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«الخدمة الوطنية».. مصنع الرجال

كيف استطاعت الخدمة الوطنية والاحتياطية من إعادة بوصلة الشباب إلى جادة صوابهم بعد أن ألِفوا حياة الراحة والرفاهية والعيش الرغيد، فضلاً عن الحصول على كل ما يرغبون فيه دون مشقة أو تعب مع اندماجهم في العالم الافتراضي والرقمي دون دراية أو وعي واستغلال لطاقاتهم في أمور تفسد أخلاقياتهم وسلوكياتهم؟

لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على دول الخليج العربي بالأمن والأمان والاستقرار، وحباها بثروات من النفط والرخاء الاقتصادي والسياسي والحضاري، وتغير النمط الاجتماعي والحياة المعيشية اليومية، ما انعكس على سلوكيات فئة الشباب، التي كان ملؤها البساطة والسهولة في الحصول على ما تطلبه من مغريات الحياة الاستهلاكية الضرورية وغير الضرورية، وعلى ضوء ذلك خرج من هذا الجيل الجديد فئة من الشباب الاتكاليين وغير النشطين، كما أثّر الغزو الإلكتروني على عقول الصغار والكبار، وأصبح الجميع تحت تأثير العالم الافتراضي الذي جعلهم لا يبرحون أسوار منازلهم، ويلتقون مع الأصدقاء وهم جالسون أمام الشاشات ومُتسمرون في غرفهم بلا حراك ولا يمارسون الأنشطة الاجتماعية والرياضية إلا ما ندر، وأصبح جلَّ وقتهم في لعب الألعاب الإلكترونية، وباتوا لا يعرفون جغرافية المكان والزمان الذي يعيشون فيه.

لذلك كان قرار الخدمة الوطنية والاحتياطية بمثابة «البوصلة» التي تقوّم سلوكيات الشباب وتوجههم إلى المسار الحقيقي، للحفاظ على مقدرات الوطن ومكتسباته والدفاع عنه من كل متربص وخائن وعدو يسعى لدمار الأوطان والشباب.


فقرار الخدمة الوطنية والاحتياطية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة (حفظه الله) لعام 2014، يعدُّ إنجازاً يعزز مفهوم المواطنة لدى الشباب، ويقوّم سلوكيات البعض، وينقلهم من الحياة المرفهة إلى الحياة العسكرية المنضبطة بأسلوب حضاري واجتماعي ورياضي وفق أنظمة تدريبية يتعلمون من خلالها أسس القواعد العسكرية في كيفية حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم وأوطانهم، وتثقيفهم بأهمية المحافظة على الأوقات واستثمارها بشكل مفيد ينعكس على حياتهم ومجتمعهم.


ومن ضمن لوحات الفخر التي تجسَد بأحرف من نور تلاشي الطبقات الاجتماعية، حيث يتواجد ابن الحاكم مع ابن الموظف البسيط مع كل أطياف المواطنين الشباب في خدمة الوطن، هذه الصور الحضارية كفيلة بتجديد العهد بأن «البيت متوحد»، وأن الفوارق الاجتماعية تذوب، طالما كان العمل في حب الوطن.