السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حمدان بن راشد.. الجندي غير المجهول

أنا من جيل تربَّى وشاهد كثيراً من قياداتنا الحالية وهم في عز شبابهم، يبذلون طاقتهم كجنود مخلصين في ظل القادة المؤسسين من أجل بناء وتعمير دولة الاتحاد، حتى وصلت إلى أن تنافس على الرقم واحد على مستوى العالم في كافة القطاعات، وليصبح شعبنا من أسعد شعوب الأرض، وكان الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم من هؤلاء الجنود المخلصين يرفعون راية اتحادهم منذ التأسيس وحتى آخر العهد بهم.

من جهة أخرى، يتم تصنيف الأشخاص وفق معرفتهم بدولة الإمارات إلى فئتين، الفئة الأولى: تشمل الذين حظوا بفرصة زيارتها ولو مرةً واحدة وازدهر حبها في قلوبهم لروعة ما شاهدوه على أرضها من معالم مميزة، أو بسبب حسن الاستقبال وطيب التعامل من أهلها، والفئة الثانية: هم الأشخاص الذين يحلمون بزيارة الإمارات دولة (اللامستحيل) لكن هناك فئة ثالثة، وهي التي عملت في الإمارات قبل وبعد الاتحاد، هؤلاء يشعرون هم وأبناؤهم وأحفادهم بالفخر أن والدهم أو جدهم شارك أو أسهم في بناء اتحاد دولة الإمارات كل في مجاله، يومها لم يكن هناك لا مطارات ولا طرقات، فقط حياة شاقة.. كلهم لهم قصص وحكايات عن تأسيس الإمارات، ويفخرون بسردها للآخرين.. فما بالك بشخصية مثل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، الذي رافق والده وأخوته في بناء دبي الحديثة، وبناء دولة الاتحاد؟!.. الشيخ حمدان، لم يتحدث أو يفاخر في يوم من الأيام بدوره المهم في المجال الاتحادي أو المحلي، لكن كان دائماً «الجندي غير المجهول» في فعله وعمله لوطنه، ويكفي القول: إنه يُعتبر أقدم وزير في دولة الاتحاد وفي إمارة دبي، كدليل على أهمية دوره وثقة أخوته القادة في عمله وفعله.

رحل عنا من كان في ذاكرته تاريخ الوطن، وأسهم في صنعه كجندي مع جيل المؤسسين، فحرص على تسجيله وتدوينه من خلال مؤسسات فكرية ونشاطات تراثية وجوائز تقديرية، وعادة الذين يقومون بأعمال جسام في حياتهم لا يخشون الموت، بل يرونه تتويجاً لحياة مليئة بالإنجازات والنجاحات، ولا يهم هنا حجم الإنجاز الذي تحققه، ولكن الأهم هو نوع ذلك الإنجاز، فالإنجازات العظيمة أهم من الحياة العظيمة، وهي كما يقول الشاعر الاسكتلندي روبرت ستيفنسون: «تحت السماء الواسعة المرصّعة بالنجوم، أحفر قبراً به أستريح.. عشت مجتهداً، وأموت سعيداً».


لقد كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رجلاً عظيماً في تواضعه، كبيراً في جهده، حكيماً في عطائه وكرمه، ومقدّراً ومحبوباً بين شعبه.