الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

(مَــرّ حُـبّاً) قال (مَــرحَـبـاً)!

من السيئ عدم فهم الحب، ولكن فهم الكراهية أسوأ بكثير، فالشيـطان لا يفعل ما لا تشاء، بل أنت الذي تفعل ما تشاء، وسواء كنت تشاء أم لا تشاء، وحده الله يفعل ما يشاء، حسناً؛ هل أخبرتكم أن ذلك النغم قد (مَــرّ حُـبّاً) ثم قال (مَــرحَـبـاً)!

(لويس هيكتور بيرليوز) مؤلفٌ موسيقيٌ فرنسي، تميز بقوة العمل الدراماتيكي الحسي، وثراء النص الأوركسترالي، والطابع المسرحي أو الأوبرالي، كان والده ذا ثقافةٍ واسعة وفكرٍ ليبرالي، وكانت والدته ذات طبعٍ حاد ومزاجٍ أحدّ، فترعرع (بيرليوز) وكأن ليس بجواره أحد! بالرغم من أن أباه علمه أصول الطب، فأصبح طبيباً ناجحاً لا يعرف الحب! ولعله لهذا كان شخصية غريبة الأطوار، عجولٌ وصبور ومتقلب الأدوار، حتى إن معلمه الموسيقى أقدم على الانتحار! في حين أن معلمه الآخر رفض تدريبه، بعدما وجده موسيقياً رائعاً ولا شيء يعيبه، بينما وصفه الكثير بالجنون، ووصفته أمه بالملعون، هكذا بقي (بيرليوز) حائراً لا يفهم ما يدور حوله ولا ما يجوب في نفسه، فقد اصطدم عدة مرات مع عازفين وملحنين بل مع قائد الأوركسترا نفسه، حتى لم يتبقَ له شخص لم يتشاجر معه، ومن الطبيعي أنه لم يجد من يود أن يسمعه أو يشجعه، حيث لم يستطع تكوين علاقات جيدة أو زيجات صالحة أو صداقات قوية، وبالتالي تزوج مرتين وتوفي ابنه الوحيد فعاش مجهول الهوية، إلى أن توفي مريضاً بعده بفترةٍ قصيرة، وكأن الموت هو الشيء الوحيد الذي بات فجأةً نصيره.

للأسف كان طبيباً مدمناً على الكحول، ولا شيء بينه وبين «الأفيون» يحول، حياته قصة نضال طويلة ومعارك مستمرة، وكفاح مضنٍ وخيبات أمل بنكهةٍ مُرة، ولكنه كان رجلاً شديد المصداقية، ومتحملاً جداً المسؤولية، يُقال إنه صرخ ذات يوم قائلاً: «أن أصبح طبيباً، أدرس التشريح وأقوم بعمليات فتح بطن مرعبة؟ لا والله أبداً!».