الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

حمدان بن راشد.. الأيادي البيضاء

دبي التي أصبحت لؤلؤةً تُشع في الصحراء وواحةً جميلة تُنبت الزرع والنخل لم تكن كذلك قبل عقود قليلة؛ فما القصة؟

إنها قصة، وإن شئتَ فقلْ ملحمة بناء، جسَّدها رجال ذوو عزم ورؤية، مثل أولئك الذين بنوا سنغافورة وبلدان أخرى لم يكن بها أبسط مقوِّمات الحياة الحديثة.

القادة الحقيقيون هم الذين يعملون بصمت.. هناك مثل يقول: «إذا تكَّلمت الأفعال أصبحت الأقوال بلا معنى»، ولعل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم - رحمه الله – ينتمي إلى هذا الطراز من القادة.. كان يعمل بصمت ويحقق إنجازاته بهدوء، وهذا النوع من الرجال هو ما نحتاج إليه؛ ولأنه يحب الأفعال لا الأقوال، فإنَّ كثيرًا من الناس لا يعرف أنه كان وراء إنجازات عظيمة أوصلت دبي إلى ما هي عليه الآن.


لم أكن أعرف كثيراً من تفاصيل حياة الرجل قبل نَعْيِه في وسائل الإعلام التي تحدَّثت عن آثاره وبصماته الراسخة في الأعمال الخيرية والثقافية والعلمية في قارَّات العالم؛ لا سيما أفريقيا التي أنتمي إليها، لذلك قرَّرتُ أن أكتب عنه هذه السطور القليلة، لأني أحترم القادة الذين بنوا بلادهم ومَدُّوا يدَ العون لجيرانهم.


ترأَّس الشيخ حمدان كثيراً من الهيئات والمؤسسات الحكومية الحيوية كبلدية دبـي، ومركز دبي التجاري العالمي، وشركة الإمارات الوطنية للبترول، وشركة دبي للغاز الطبيعي، وغيرها؛ ومَن ينظر إلى هذه الهيئات يدرك أنها ركائز التقدم والبناء الحضاري إذا أُديرت بحكمة وجدارة، وهذا ما حققه الفقيد.

فمن خلال رئاسته للمؤسسات المذكورة وغيرها حوَّل – مع والده الشيخ راشد وأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – إمارة دبي إلى جوهرة؛ ومن خلال منصبه كوزير المالية لدولة الإمارات العربية منذ قيام الاتحاد 1971 حتى وفاته، ترك أيضًا بصمته العميقة في تطوير وتحديث دولته؛ ومن خلال تأسيسه ورعايته لهيئة آل مكتوم الخيرية امتدَّت أياديه البيضاء إلى نحو 70 بلداً في جميع قارات العالم، ولا سيما القارة السمراء التي بنى فيها نحو 40 مدرسة ومؤسسة تعليمية عليا بثَّت نور العلم والمعرفة وبدَّدت ظُلمة الجهل في القارة؛ وبذلك تمكَّن آلاف الطلاب الأفارقة من تحقيق أحلامهم في ولوج المدارس والجامعات.. كل تلك الأعمال وغيرها أهَّلته بجدارة لنيلِ لقب «الشخصية الحضارية» لعام 2016.