السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

البحث العلمي وحاجة المجتمع!

في كثير من الأحيان نردد بأسف غياب تفاعل الجامعات ومراكز البحث العلمي عن التفاعل مع قضايا المجتمع وهموم الناس، بل في أحيان نؤكد أن هناك تقصيراً وانفصالاً بين ما تقدمه هذه الجامعات والمراكز من خدمات تعليمية وبحثية وبين رغبات وتطلعات ومشاكل وهموم المجتمع، ونضرب مثالاً دائماً بالغرب وأمريكا وحركته الدائمة في التناغم ما بين الصروح العلمية وتلك التي تترجم تلك البحوث والدراسات على أرض الواقع. في الوطن العربي برمته هناك انفصال حقيقي بين ما ينتج من الجامعات ومراكز البحث وبين مشاكل المجتمع أو تطلعاته، وإذا حدث وقدمت دراسة عن المجتمع أو عن إحدى قضاياه فإنها لا تجد صدى على أرض الواقع، بمعنى لا توجد هيئات ومؤسسات حكومية تعمل على معالجة تلك المشكلة أو الظاهرة الاجتماعية، لا توجد جهة تعمل على ترجمة توصيات البحث أو الدراسة على أرض الواقع. في هذا السياق وأضرب به مثالاً على ما أريد توضيحه، وهو أنه قبل نحو عام عقد الملتقى الأسري الـ12 في الشارقة وحمل عنوانه التماسك الأسري في ظل العولمة الواقع والطموح، وأتذكر أن هناك دراسة بينت أن نسبة تقدر بنحو 43% من الأسر الإماراتية تفتقر إلى التوازن الأسري، وقدمها رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة الدكتور حسين بن محمد العثمان، وقال في حينها: «إن الدراسة استهدفت معرفة نسبة الأسر في الشارقة التي تأثرت بمتغيرات الحياة، إذ تم جمع بيانات الدراسة من عينة مؤلفة من 1136 مبحوثاً، بواسطة استمارة صممت لتحقيق أهداف الدراسة، والإجابة عن أسئلتها عن طريق المقابلة الشخصية». وكشفت الدراسة أن معدل نسبة الأسر المتماسكة بلغ 56.7% من العينة، مقابل 43.3% من الأسر تفتقر إلى التوازن في علاقاتها الأسرية. كما أظهرت النتائج وجود علاقات ذات دلالة إحصائية بين متغيرات السعادة الزوجية والجنس والحالة الزوجية والتقييم الذاتي للصحة والعمر والمستوى التعليمي والحالة العملية وحجم الأسرة ونمطها، ووجود حالات إعاقة وأمراض مزمنة في الأسرة من جهة، وبعض أبعاد التماسك الأسري من جهة أخرى. وكما يظهر للجميع فإن هذه الدراسة هامة لعدة جوانب أولاً شموليتها والحجم العددي الذي قامت باستقصاء رأيه، فضلاً عن النتائج التي خرجت بها، ثم إن الذي أجراها هو رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، وهو ما يعني أن الذي عمل على هذه الدراسة خبير متخصص، كان هدفه عظيماً وكبيراً، وهو التنبيه لخلل في كيان المجتمع، بمعنى لم يكن طالب همه إنهاء مرحلة أكاديمية ما، أو الذي قام بهذا البحث مجموعة من الطلبة بهدف إنهاء متطلب جامعي محدد ومطلوب منهم. عندما تلفحنا مثل هذه الدراسات لا بد أن ينبع بسببها السؤال الكبير، هل استفدنا من هذه الدراسة الهامة؟ بل هل توجد لدينا آلية محددة للاستفادة من مثل هذه الدراسات؟. أدرك تماماً وجود هيئات ومؤسسات مجتمع مدني تتفاعل مع مثل هذه القضايا، بل تعد الإمارات واحدة من الدول الأقل تفككاً من الناحية الأسرية ليس على مستوى المنطقة وإنما على مستوى العالم، وهذا نتيجة لعدة عوامل تتعلق بالقيم والعادات والتماسك الروحي بين أفراد المجتمع. لكننا فعلاً نتمنى أن تكون هناك شفافية في الإعلان والنشر عن الكيفية التي يتم من خلالها التعامل مع مثل هذه البحوث والدراسات الهامة.