الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إن كنت تعتقد أنك مستمع جيد.. فكر مجدداً!

في بعض الأحيان عندما يتحدث البعض عن نقاط قوتهم وصفات جيدة يتمتعون بها، فإنهم يذكرون صفة الإنصات. «أنا مستمع جيد» هذا ما قد يردده الآخرون، وعندما تسأل ما الذي يعنيه أن تكون مستمعاً جيداً؟ فإنهم غالباً يجمعون على 3 نقاط. لا يقاطع حديث الآخرين، يظهر تعابير في وجهه مثل النظر في عيني المتحدث، أو الإيماء أو أصوات تدلل للمتحدث أن المستمع ينصت له، وأخيراً يعيد المستمع الكلمات الأخيرة التي قالها زميله ليجعله يعلم أنه يركز معه ويتابع حديثه.

في الواقع كثير من مدربي فنون التواصل مع الآخرين يحثون على ممارسة هذه الأفعال الثلاثة عند الاستماع للآخر، ورغم أنها أفعال تصب في الاتجاه الصحيح عند ذكر فن الاستماع، فإنها ليست كافية ليعتبر الشخص منصتاً فاعلاً. فهناك أمور أخرى يتحتم على المرء أن يتدرب عليها ويعتاد على ممارستها عند الحديث مع الآخر ليكون له دور حيوي ومختلف في جلسة الحوار. أولها هو ما يتناقض مع مسألة البقاء هادئاً وصامتاً أثناء حديث الآخر.

في الواقع كثير من الناس وجدوا أن الشخص الذي يستفسر ويسأل، مستمع أفضل بكثير من الشخص الصامت طوال الحديث. والسبب في ذلك أن هذه الأسئلة والاقتراحات حتى لو كانت تبدو بسيطة إلا أنها توجّه رسالة إيجابية للمتحدث يفهم من خلالها أن المستمع مهتم بحواره ويصغي بكل تركيز وحماسة بل ويحاول أن يساعد ويقترح ويتفهم حالة المتحدث، ما يجعل الحديث مكوناً من طرفين بدلاً من أن يكون من طرف واحد ويجعله حيوياً ونشيطاً أكثر.

نقطة أخرى مهمة قد تجعل من الشخص مستمعاً فعَّالاً، وهي إحاطة المتحدث ببيئة آمنة خالية من النقد وإطلاق الأحكام. فغالباً ما يكون هذا آخر شيء يبحث عنه الإنسان عندما يتحاور مع زميله. إن إظهار الدعم والرد بكلمات إيجابية متفهمة ومحاولة استيعاب الحالة والمشاعر التي يعيشها المتحدث تجعل من الجو العام الذي يحيط بكلا الطرفين سليماً وصحياً من الجانبين النفسي والذهني، وبالتالي تقود إلى صنع حلول حقيقية قد تمس حياة المتحدث وتحدث فرقاً فيها.

من المهم أيضاً ألا يتفاعل المستمع في النقاش كثيراً لدرجة تحويله إلى مناظرة أو إلى منافسة كلامية لينتصر أحدهم على الآخر. المنصت الفاعل، يعي جيداً أهمية خوض النقاش والاعتراض والتعليق ولكن ليس بطريقة تشعر المتحدث أنه يسعى للتغلب عليه أو لإثبات وجهة نظر مغايرة، إنما ليساعده ويوسع مداركه ويفتح آفاقاً أمامه قد تعينه على حل مشكلته.

يعتقد البعض أن الاستماع الجيد ينطوي على أن يتحول الشخص إلى إسفنجة تمتص الكلمات والسلبيات والمشاكل التي يبثها الآخرون عليه، وحسب. لكن الحقيقة هذه العملية لا تفيد أحداً، لا المتحدث ولا المستمع. محترفو هذه المهارة تجدهم لا يمتصون سلبيات وهموم الآخرين بصمت مع القيام ببعض الإيماءات، بل يقدمون اقتراحات ويتفاعلون في النقاش ويعلقون ويعترضون بطريقة لطيفة لا تشعل وتستفز الآخر، وفي نهاية الحوار تلاحظ أن المتحدث بات الآن يتمتع بصفاء الذهن والحماسة وصارت له رؤية واضحة حول الأمور وشعر بالدعم والرفقة، وهذا هو ببساطة جوهر هذه المهارة والجدوى منها.