الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ديموغرافيّاً.. نحن في أزمة

في سنوات ما قبل النفط كان عدد السكان الإمارات قليلاً، وكانت هناك ظاهرة جميلة وغريبة في نفس الوقت حيث نادراً ما تجد أرملة أو مطلقة في المجتمع، فمن تتطلق أو تترمل لا تنتظر طويلاً حتى تجد أمام منزلها طابوراً من الرجال، أكبر وأصغر منها، كلهم يطلبون الزواج وذلك بسبب (قلة عدد الإناث) وقبول ثقافة التعدد في ذلك الوقت.

وبعد ظهور النفط والثروة واحتياج المجتمع للنمو والتطور ومع قلة الإناث، بدأ التطلع للزواج من خارج المنطقة إلى الدول العربية والهندية والفارسية وطبعاً من أوروبا وأمريكا نتيجة الابتعاث للخارج، وخطوة بخطوة زاد عدد الإناث في المجتمع ولسنوات طويلة كانت مسألة الزواج تسير بمنهجية طبيعية، ولكن بدأت في التسعينيات تصل إلينا قصص ارتفاع المهور والبذخ في حفلات الزواج لتصل إلى اللامعقول.

فبدأت وتيرة زواج المواطنين تتباطأ وبعد عام 2000م بدأت الرفاهية تقل ومصادر الدخل تتناقص، فظهر عزوف الشباب عن الزواج، وبعد عام 2010 ومع (تمكين المرأة) وقلة الوظائف للذكور واستقلالية الإناث أصبح العزوف هذه المرة من جانبهن، بحيث ظهر التساؤل: لماذا تلتزم المرأة بزوج وعائلة وهي تشاهد العالم يتغير، وتريد تحقيق رغبات وأمنيات كما تفعل المرأة الغربية، والقوانين تشجعها وبالتالي لا تحتاج إلى زوج وقيود؟


هنا، تناقص عدد المتزوجين، وزادت نسبة العنوسة عند الطرفين، فقد كشف تقرير للمجلس الوطني عن تسجيل 6000 زيجة من غير المواطنات خلال الفترة الماضية، ومع ارتفاع حالات الطلاق بالإضافة إلى التجنيس وغيرها، يقودنا هذا الأمر إلى أن مجتمع الإمارات في الـ50 سنة المقبلة سيكون مختلفاً بمكوناته وقيمه وعاداته عن مجتمع إمارات الـ50 سنة الماضية.


وما عليك للتأكد من ذلك إلا الذهاب إلى الأسواق والمطاعم والأماكن العامة، حتى تجد أن المجتمع المواطن يتغير بوتيرة سريعة مع تبنّي الطريقة الغربية في العيش، حيث تجد مواطنات يعشن وحدهن أو مع صديقاتهن في سكن مستقل، وشباب لا يجدون وظائف ويعيش الواحد مع عدة إخوة في غرفة واحدة، فكيف نشجعه على تكوين أسرة؟

نقترح أن يتولى هذا الملف المسؤولون الذين تولوا ملف إدارة أزمة كورونا، حيث وجدنا فيهم الرؤية الشاملة والحلول الواقعية والجدية في العمل، بحيث مكَّنت وطننا من أن يكون في المركز الأول عالمياً في التعافي من هذه الأزمة، والعزوف عن الزواج وزيادة نسبة الطلاق وعدم الإنجاب هي أزمة وطنية!