الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

ثقافة الاتصال الشخصي.. هل أنتَ أبكم؟ (2)

استكمالاً لحديثنا عن ثقافة الاتصال الشخصي وأهمية اكتساب مهارة إيصال الرسائل المطلوبة بوضوح، نُذكّر بمدى انتشار نوع معين من الشكوى في شرائح واسعة من مجتمعاتنا، ألا وهي «لا أحد يفهمني.. افهمني أرجوك.. كم أتمنى أن أجد من يفهمني»! من يعتمد مبدأ هذه الشكوى فهو سطحيّ للغاية لأنه يعتبر أنه من الطبيعي أن تعمل جميع عقول الناس بنفس الطريقة وبالتالي من المستغرب والمستهجن ألا يفهمه أحد! فالطبيعي أن يفهمه الجميع لأنه ببساطة.. يستطيع فهم نفسه عندما يتحدّث معها! لكن الواقع المرير يؤكد له أنه «أبكم» بشكلٍ أو بآخر اجتماعياً.

للاتصال الشخصي عشرات التعريفات وشخصياً وفي أغلب القضايا لا أميل للتعريفات التي تُسهب في الفلسفة والتعمّق، بل لتلك التي تضع أمامنا المعاني الواضحة! الاتصال هو النتيجة التي نحصل عليها! فعندما أتواصل مع مديري في العمل ولدي هدف محدد ونتيجة أرغب في تحقيقها، وهي مثلاً أن أشعره بالامتعاض من قراره الأخير، يمكنني ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن بأسلوب مهنيّ راقٍ ومحترف، وما يجعلني ناجحة في الاتصال هو أن تصله الرسالة ويعلم أني ممتعضة – من قراره وليس منه - دون أن يشعر بانزعاج أو نفور، بينما النتائج الأخرى تعني أني بحاجة للمزيد من التمارين والقراءة والممارسة لتحسين مستوى الاتصال الشخصي لديّ.

وعودةً لشكوى «لا أحد يفهمني» فالارتقاء بثقافة الاتصال الشخصي يتطلّب بالضرورة فهم اختلاف العقول وبالتالي اختلاف طرق استقبالها للأفكار التي تود طرحها وإيصالها لهم! فعندما تريد شرح فكرةٍ لطفل عمره 10 سنوات يجب أن يكون أسلوبك مختلفاً عن ذلك الذي تستخدمه مع خريجٍ جامعيّ متفوّق! ومختلفاً تماماً مع كاتبٍ مشهور أو روائيّ مخضرم أو مُفكّرٍ مبدع.. هؤلاء أساتذة في الاتصال مع الجمهور لذا يجب أن تكتسب مهارة لفت انتباههم بأسلوبك! والاختصار في إيصال رسالتك! ومحاولة التعلّم منهم وملاحظة أساليبهم في التواصل الشخصي والجماهيري واختيار الكلمات والتعابير ولغة الوجه والجسد، كل هذه التفاصيل تجعلكَ ماهراً في الاتصال.. عندها يكون لديك سلاح في غاية القوة.