الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

غريب!

يحدث أن تقودنا النوايا الحسنة إلى أوخم العواقب، ويحدث أن نتسامح دون أن نلوم أو نعاقب! فالانتقام بلا رحمة يولد استرداد الحقوق عبر السلبية والطغيان، والتسامح حد التهاون والاستهتار يولد الإيجابية باسم الخذلان، وبين الظالم والمظلوم تتوالى الأحداث المُظلِمة! فلا ندرك وقائع القصة وأسباب المَظلَمَة، ببساطة لأن (ذنْـب) الحقيقة الوحيد أن لا (ذنَـب) لها، وأن أذيال الكذب وحباله تحل حتماً محلها، حسناً لا تسعى إلى موتك فالحياة تتولى هذا الأمر عن الجميع! ولا تحاول أبداً أن تبدو أعقل من الجميع، ففي عالم مجنون من يحتاج إلى عقله؟

جاءت قدرة الملحن الراحل (حسن بابكر) من أصالة السودان، لتحمل معنى العراقة وتنسج أعذب الألحان، وتثبت إجادته المتميزة في التلحين على آلة الكمان، من خلال موهبة خاصة وهبة ربانية يمنحها الرحمن لمن يختارهم من عباده، ليخففوا علينا مرارة الدنيا وأهوالها دون عنفٍ أو إبادة، ولذا من المؤكد أن اختياره لهذه الآلة الموسيقية لم يأتِ من فراغ أو بدون سبب، وإن كان قد توقف بعدها عن العزف مع كبار الفنانين لأكبر سبب، وذلك لصعوبة الجمع بين غرامه بالموسيقى وتكاثف مشاعر عشقه، وبين وظيفته الرسمية التي هي مصدر رزقه، فقد كان يعمل مصرفياً في البنك الزراعي، حيث لا مجال فيه للتطور الفني الإبداعي، وفقاً لتقيده بالقوانين والأنظمة بمهنية واحتراف، وتأكده التام من ضبط مواعيد الحضور والانصراف، وبالتالي فُتحت أمامه أبواب التقدم والترقية الوظيفية، حتى أنه حصل على ﺩﺑﻠﻮﻡ في الدراﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻴﺔ، وبعدها نال شهادة زمالة البنوك في بعثةٍ إلى لندن، واستمر في الترقي لأعلى المراتب دون أن ينسى الفن، ولا بأس إن قلنا إن طبيعة وظيفته التي تتطلب الدقة العالية والجودة، جعلته لم يترك أعماله الفنية من الأساس كي يقرر العودة!

من أهم أعماله (اشتقت ليك، حنان الدنيا، سهمك الفتاك، أنا والأشواق، وغريب).