الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

قانون التحكيم الاتحادي.. وميثاق المُحكَّمين

في مايو 2018، صدر أول تشريع اتحادي للتحكيم في الإمارات، القانون رقم (6) لسنة 2018، وأصبح نافذاً منذ السادس عشر من يونيو 2018، وبالتالي أتم القانون عامه الثالث منذ أسابيع، ورغم تبنّي الإمارات لهذا القانون الذي يؤطر شؤون التحكيم المحلي والدولي، والذي جاء بعد رحلة طويلة امتدت لنحو 19 عاماً منذ انطلاق أول مقترح لإعداد مسودة للقانون بمبادرة من غرفة تجارة وصناعة أبوظبي فى عام 1999، إلا أنه حقق نقلة تشريعية كان ينتظرها مجتمع التحكيم بجناحيه المحلي والدولي.

والسؤال: لماذا شكل هذا القانون منعطفاً مهماً في مسيرة الإمارات التشريعية؟.. الإجابة بلغة بسيطة، لا يمكن أن تحقق أي دولة جذباً للاستثمارات، وبناء جدار من الثقة مع المستثمرين، وتعزيز النمو الاقتصادي دون بنيان متراصٍ من لبناتٍ خماسية أساسية: قانون وطني مستقل للتحكيم وفق أفضل الممارسات العالمية، قضاء مُستقل مساند وصديق يرى التحكيم مساراً أصيلاً وليس بديلاً، الانضمام إلى اتفاقية نيويورك للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها، والتى تضم 168 دولة، مراكز تحكيم مؤسسي متطورة ومواكبة لتوقعات الأطراف، وأما اللبنة الخامسة فهي منظومة متكاملة وفاعلة من المحكمين والمحامين والخبراء والباحثين فى مجال التحكيم.

وبلغة النتائج، فقد أسهم القانون في تعزيز ثقة المستثمرين، حيث تصدّرت الإمارات قائمة الـ20 الكبار في 11 مؤشراً عالمياً خاصاً بقطاع الاستثمار لسنة 2020 وفق المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، منها «محور الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا»، إذ صعدت الدولة إلى المرتبة الـ15، وحققت المرتبة الـ30 في مؤشر سيادة القانون، ولكن حتماً ستكون هناك مبادرات تطويرية وإصلاحات تشريعية بعد قياس الأثر التشريعي، ورصد تحديات الواقع العملي للقانون أمام المحاكم المختصة بمسائل التحكيم.


واليوم، وبرغم مرور ثلاث سنوات، لا يزال مجتمع التحكيم ينتظر صدور «ميثاق عمل المحكَّمين» من وزارة الاقتصاد وفق مُوجبات المادة (58) من القانون، والذي من شأنه حوكمة عمل المحكَّمين وضمان التزامهم بمعايير الحيدة والاستقلالية، والحفاظ على سرية الأطراف وخصوصيتهم، والتأكّد من عدم تعارض المصالح، وغيرها من المعايير التى تُشكل صمام الأمان لتفادي الثقوب التي قد تؤثر سلباً على منظومة التحكيم.


نأمل ألا ينتهي العام الرابع دون صدور هذا الميثاق، فالمعادلة اليوم ليست فحسب في السرعة الإجرائية والفاعلية التشريعية، وتنافسية أتعاب ورسوم ومصاريف التحكيم؛ ولكن وبشكل أساسي، في الموثوقية التى يعززها ميثاق عمل المُحكَّمين.