الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نعم للتنافس بعدالة ومحبة

من البديهيات في هذه الحياة وجود التنافس ووجود الاختلافات وأيضاً المتناقضات، لكن الذي لا يعد بديهياً هو أن تتوقع حدوث ما لا يمكن أن يقع أو الذي لن يتم، بمعنى أن تكون في مضمار عمل أو في مجال دراسة وغيرها، وتتوقع عدم المنافسة، وأن يتم ترك الساحة لك وحدك، مثل هذه النظرة فيها تسطيح تام وغير منطقي، فحياتنا تبدأ بالمنافسة منذ سنواتها الأولى، منذ نعومة أظفارنا نتعلم قيم التسابق والمنافسة مع الغير، سواء أكان ذلك إيجابياً أو سلبياً، إلا أنه واقع، تم زرعه في أفئدتنا الصغيرة، وكبرنا عليه، وعندما تسمع الأم أو الأب يقارن أطفاله بفلان وعلان، قريبهم أو ابن جيرانهم، فهو يزرع قيمة من قيم التنافس، ومرة أخرى بغض النظر إن كان تنافساً شريفاً أو غير ذلك، لأن الذي أريد الوصول له هو في واحدة من بديهيات الحياة، وهي المسابقة على المراكز المتقدمة والنجاح، والمسابقة على الوظائف والأعمال والتي هي مورد رزقنا وعماد حياتنا، ودون السعي والركض في هذا المضمار فأنت تكون ارتكبت خطأ فادحاً سيسبب لك تراجعاً وأن تظل في ذيل القائمة.

هذه الكلمات والأفكار تبادرت لذهني وأنا أسمع شكوى من إحدى الصديقات عن اعتذار زميلتها في مقر العمل عن أن تمد لها يد العون والمساعدة للاستعداد لاختبار قياس بين الموظفين في قسمها، لأن الترقيات محدودة وسيتم اختيار الأكثر كفاءة ومن بين متطلبات القياس اختبار محدد، هذه الصديقة تريد ببساطة متناهية من زميلتها أن تساعدها لتتغلب عليها، وأدبياً لم يكن من حقها أن تطلب من هذه الزميلة أي عون وخاصة أن الاختبار كان يتطلب مراجعة لبعض القوانين والأنظمة، لا يمكن لمثل هذه القصة أن تجعلنا نقول إن قيم التعاون انعدمت أو إن قيم المحبة تلاشت أو إن الصداقة تم سحقها على مقصلة المنفعة، والسبب ببساطة متناهية هو أننا لم نتلقَ أو نحصل على الخدمة التي نريدها من صديقتنا أو زميلتنا، الحياة لا تقاس وفق هذه العقلية، كما لا يمكن أن نقيّم الآخرين وفق حصولنا على منفعتنا منهم، فالآخرون لهم طموحاتهم وخصوصياتهم ولهم تطلعاتهم، وإذا كانت الصداقة والمحبة وقيم التعاون تقوم على إلغاء رغبات الآخرين وتحقق لنا وحدنا التفوق والتميز فهي ليست عادلة ولا هي سوية.

نعم للتنافس ونعم للمسابقة، ولكن بشرف وعدالة وسعة بال ومحبة.