الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

دبي.. زهرة تشرين

ارتبط شهر تشرين الأول (أكتوبر) في الذاكرة الشِعرية والفنية بالشجن، فهو الخريف الذي تتساقط فيه الأوراق ذات الألوان الحادة، وهو لحظة التحوّل الكونية بين الصيف والشتاء، والظلمة والإشراق، والثبات والتجدّد، ولعلّ صور الناس بالمعاطف الطويلة والشالات الصوفية في مسارات الحدائق المفروشة بالأوراق الخريفية وهم يحتسون قهوتهم الدافئة أو يتأملون الطقس الانتقالي، من أكثر الصور شيوعاً في الأذهان.

لكن خريفنا هذا العام سيكون ولادة لعالَم جديد، تحتضنه مدينة كما تحتضن الأم أبناءها المنتشرين في الأرض، بمختلف ألوانهم وأعراقهم. وسواء سبق لهم زيارتها من قبل أم لا، فسيشعرون وكأنهم قد عرفوها عمراً بأكمله، في حُلمٍ ما، أو ذاكرةٍ ما، أو أغنيةٍ ما.. دبي موجودة دائماً في لاوعي الكون، شقّت طريقها للأعلى كنبتةٍ في جوف الصخر، محفوظة بعين الخالق، محروسة بسواعد الشرفاء، ومبروكة بعمل الخير الذي لا ينقطع.

إكسبو 2020 دبي، لن يكون لحظة في الزمن، ولا حدثاً في التاريخ، بل مستقبلاً في كبسولة، وبوصلة الإرشاد إليه، ولذا قد لا تكون ردهة إكسبو مفروشة بأوراق الخريف المتساقطة، بل بخرائط للمستقبل، ومضاءة بـ191 نجمة، هي عدد الدول المشاركة.


بفضل قيادتنا الحكيمة وفريقها الألمعي وجهودهم الجبّارة، سيتعلّم العالَم قراءة أبجدية جديدة للمستقبل، سنجلس جميعاً على أطراف مقاعدنا، في شوقٍ كما كنا نفعل أمام الصندوق السحري - التلفاز - ونحن صغار، ننتظر مفاجآت تخرج من داخله صوتاً وصورة، ستصفّق البشرية بحماس كما لم تفعل طوال المئة والسبعة أعوام الماضية، وستجد فيروز «زهر بتشرين» و«دهبها الغالي» الذي غنّت له ذات خريف.. ليس بشجنها الرقيق المعتاد، بل ببهجةٍ سنتخيّلها في أذهاننا، وستتحقّق واقعاً في دبي.