الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

جزر الكناري

عندما تتنافس النوتات مع إيقاع الكلمات تصبح المنافسة بينهما مثل (مباراة كرة «قلم»)، وعندما تتنافر الأصوات مع النغمات يصبح النشاز مثل (حكايةٍ قبل «اللوم»)، وعندما نبحث عن الجمال في مقطوعةٍ مسروقة نصبح كمن يبحث عن (إبرةٍ في كومة «غش»)، لنتأكد أن تفاصيل هذه الخطيئة بالذات أشبه بقصة (الجميلة و«الفحش»)، فمهما انقضى العمر لن ترضى النوتة عمّن سرقها ثم نوى (التطهر من «الجناية»)، لأن سرقة الألحان تعتبر جريمة لا تنطق بها (منظمة «حلوق» الإنسان)، وبالتالي ستطير تلك السرقات عبر الزمن في رحلةٍ أشبه برحلة (أليس في بلاد «العجائز»)، وكأنها ترفض تكاثر هؤلاء اللصوص فهنا حتماً تكون (الوقاية خير من «الزواج»)، وبالرغم من كل ذلك تعيش الموسيقى داخل الأمل وتأبى دائماً وأبداً أن تتناول (حبوب منع «الحلم»).

(فرانسيسكو بارتولومي سانز سيلما) هو اسمه الحقيقي، ولكنه اشتهر جداً باسم (غاسبار سانز) الملحن الموسيقي، أي (كومبوزيتر) وتعني ملحناً باللغة الإسبانية، فقد كان مبدعاً ولطيفاً وصافي النية، وعازف أورغن يعشق الأوتار، ولذلك احترف آلة الجيتار، وفوق كل هذا كان أيضاً كاهناً، وكاتباً فلسفياً وشاعراً عميقاً متمكناً، ولد في عائلة معروفة وفاحشة الثراء، وعاش في سعادة ورغد ورخاء، ولكنه لم ينجرف قط نحو الإغراء، ولم يكترث فعلياً لكثرة الإطراء، لأنه آمن بأن الإبداع ليس سلعة للشراء، ولذلك درس الموسيقى وأصول الفلسفة وعلم اللاهوت، فأصبح جوهرة بشرية أثمن من الياقوت، كتب 3 مجلدات كاملة عن الأعمال التربوية، والتي تعد اليوم مرجعاً للألحان الباروكية والكلاسيكية، حتى إن العلماء الحديثين يدرسون أساليبه في العزف المنفرد، ليبقى إلى زمننا الحالي وحده المتفرد، ويكاد العالم لا يعترف بعازف جيتار لم يعزف شيئاً له، كما لو كانت هذه الآلة قد اخترعت وصنعت من أجله.

من أجمل ما قدمه في 70 عاماً من حياته بحسب رأيي واختياري، مقطوعته الرائعة والمذهلة (جزر الكناري).